فتوى “عبد الحي يوسف” حول اتفاق البرهان والحلو “والعلمانية”

نشر الشيخ عبد الحي يوسف نص فتوى أصدرها في الإجابة على سؤال عن “حكم الشرع في توقيع البرهان على اتفاق مع رئيس الحركة الشعبية ينص على إقرار علمانية البلاد”.
وينشر موقع “اوبن سودان” أدناه النص الكامل للفتوى..
“الجواب :
العلمانية تعني فصل الدين عن الحياة، ولا يستطيع عبد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقر بها أو يدعو إليها؛ اللهم إلا أن يكون جاهلاً بدينه جهلاً معيباً، أو أن يكون جاهلاً بالعلمانية وما تؤدي إليه؛ وكلا الصنفين موجود؛ فإن بعض من ينتسب إلى الإسلام يحسب أنه لو صلى وصام وحج فلا حرج عليه بعدها أن يحتكم إلى ما شاء من أنظمة وقوانين يرى أنها تحقق له مصلحته الدنيوية، وبعض المسلمين كذلك يحسب أن العلمانية إنما هي دعوة للأخذ بأسباب العلم، وقد غرهم أن أوروبا قد تقدمت تقنياً واقتصادياً وسياسياً وعسكرياً لما نبذت دينها ونحت من يسمون عندهم برجال الدين عن التدخل في قضايا الحكم والسياسة؛ أما المسلم حقا فإنه يعلم من دينه يقيناً أن الله تعالى هو الحق السميع البصير اللطيف الخبير، وأنه سبحانه يحكم الحياة كلها بما أوحى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم من تشريعات؛ فالحلال ما أحل، والحرام ما حرم، والدين ما شرع، كما قال سبحانه {إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه} وقال {إن الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين} وقال {ألا له الخلق والأمر} ولذلك فلا يمكنه قبول العلمانية ولا الرضا بها؛ لأن العلمانية في الجانب التشريعي تعني فصل الدين عن الدولة، أو عن الحياة كلها، وهذا يعني الحكم بغير ما أنزل الله، والعلمانية في الجانب العقدي تعني الإلحاد أو التنكر للدين، وفي الجانب الأخلاقي تعني الانفلات والفوضى وإشاعة الفاحشة والرذيلة والشذوذ، وهذا كله مما نلمس أثره ونرى نُذُره منذ أن حكم هؤلاء العسكر متحالفين مع قوى الشر والطغيان التي أسمت نفسها (الحرية والتغيير) حيث لا حرية ولا تغيير إلا للأسوأ الأظلم الأخبث، نعوذ بالله من سوء الحال، واتفاقية البرهان والحلو تمثل عطاء من لا يملك لمن لا يستحق؛ إذ البرهان ليس مفوضاً من الشعب، ولا جاء باختيار من الناس ولا انتخاب، ولا هو استشار الناس فيما يريد فعله، بل عمد إلى الاستبداد بالأمر والانفراد بالرأي – مثلما فعل سابقاً حين التقى رئيس وزراء بني صهيون – وهو في ذلك مستجيب لإملاءات الخارج، منفِّذ لرغبات كفلائه – في الخليج وغيره – متماه مع قلة قليلة من اليساريين التائهين في الأحزاب الصفرية وعملاء المنظمات الدولية، وأما الحلو فلا يمثل إلا تلك القلة الضئيلة؛ فلا هو ممثل لجبال النوبة ولا لغيرها حيث لم يفوضه أحد، بل هو من قطاع الطرق وحملة السلاح ممن يستخدمهم الشيوعيون ومن وراءهم لزعزعة استقرار البلاد وفرض رؤاهم العمياء وفلسفتهم الشوهاء على عموم المسلمين في السودان. فهذا الاتفاق باطل شرعاً من جهة إقراره لأمر من المحرمات القطعية بما يستلزم من تنازل عن تشريعات سماوية ليس للعباد خيار في قبولها أو ردها؛ كما قال سبحانه {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا} ثم إنه باطل قانوناً من جهة أن هؤلاء ليسوا مفوضين ولا منتخبين، بل هم لصوص متغلبة، يستوي في ذلك البرهان ومن معه في الحكم من تلك الأحزاب الصفرية، وكذلك الحلو ومن وراءه، ونسأل الله تعالى أن يحق الحق بكلماته ولو كره المجرمون”.