44 عاماً على حركة يوليو 1976 : المسير والمصير … العظات والعبر


 بقلم : عبد الله مكي

amekki2005@gmail.com

الهجوم على الخرطوم

منذ أن عُيّن عثمان باشا(سر عسكر) بدلا من الدفتردار، أُعجب بالمنطقة التي يقترن فيها النيل الأبيض والأزرق، فوضع عدداً من الجند وبنى قلعة لهم في ديسمبر 1824م، وبقي فيها واتخذها عاصمة لهم، بدلاً من مدينتي(ود مدني وسنار) وذلك لكثرة الأمطار فيهما وسوء الأحوال الصحية. لكن موقع الخرطوم المتميز(مقرن النيلين)ووضعها الصحي الجيد وهدوئها النسبي لم يسلمها من الهجمات وإن كانت قليلة، طالما أصبحت عاصمة البلاد.

أول هجوم أو إقتحام تعرضت له الخرطوم كان من قبل قوات الإمام المهدي وذلك في 26|1|1885م، وهو اليوم الذي دخلت فيه هذه القوات، في الكتابات التاريخية يسمى(دخول الخرطوم)أو(فتح الخرطوم)أو(سقوط الخرطوم) وذلك حسب تحيز الكاتب.
الهجوم الثاني كان هو دخول الإنجليز إلى السودان عبر البوابة الشمالية، فبعد مرورهم بحلفا ودنقلا وكورتي وبربر وعطبرة وشندي، كان لابد لهم من الإستيلاء على(الخرطوم)حتى يتمكنوا من حكم جميع أنحاء البلاد، فاختار الخليفة عبد الله التعايشي أن تكون المواجهة خارج أمدرمان فكانت موقعة كرري المشهورة في 2\9\1898م، فاستباح الإنجليز أمدرمان لمدة ثلاثة أيام، وحسب لغة العصر يُمكن إعتبارها (جريمة إبادة جماعية)تستوجب محاكمة ومحاسبة الدولة البريطانية وتستوجب الإعتذار وتعويض الضحايا. أما الهجوم الثالث فكان في 2\7\1976م فلأول مرة يغزو أو يهاجم العاصمة الخرطوم معارضون سودانيون(مقاتلو الجبهة الوطنية)والتي تضم(الإخوان المسلمون وحزب الأمة والحزب الإتحادي الديموقراطي)هاجموا حكومة سودانية
(حكومة مايو)والتي إستولت على الحكم بإنقلاب عسكري في 25\5\1969م بقيادة جعفر محمد نميري. الهجوم الرابع والأخير كان في 10\5\2008م قامت به حركة العدل والمساواة بقيادة د. خليل إبراهيم ضد(حكومة البشير).

حركة 2 يوليو 1976

مرت الذكرى الرابعة والأربعين لحركة الثاني من يوليو 1976 مرورا خفيفا، وظلت مطوية منسية، بالرغم من أن هذه الذكرى هامة ومفصلية لبلادنا وتاريخها الحديث. العملية العسكرية التي بدأ التفكير فيها عقب أحداث الجزيرة ابا ونُفذت صباح الجمعة 2 يوليو 1976م.كانت ذات ثلاثة أضلاع: ضلع عسكري تابع للجبهة
الوطنية، وضلع ثانٍ من كبار الضباط بالقوات المسلحة، وضلع ثالث سياسي وتعبوي للأحزاب السياسية المشاركة في الجبهة الوطنية. ومعروف أن خطط الحركة وضعها سياسيون وعسكريون، وتقوم على إحداث
صدمات متتالية، الصدمة الأولى يقوم بها الضباط الموالون للحركة داخل القوات المسلحة، ثم ينضم اليهم في الصدمة الثانية، المقاتلون الذين تلقوا التدريب في المعسكرات، ويقول الأمير أحمد سعد عمر: إن هذه الخطة تغيرت في آخر ثلاثة أيام بسبب اعتقال المرشح الأول لقيادة العملية العميد سعد بحر ومجموعته مما قاد
لأن يرتكز تنفيذ الخطة على مقاتلي المعسكرات فأُوكلت مواقع لمجموعة من شباب الحركة الاسلامية(نحو 30 شاباً)نفذوا الاقتحام في دار الهاتف والمطار والاتصالات. وأيضا حدث تطور آخر مرتبط بالتوقيت أثّر على سير العملية إذ كان من المفترض ـ والحديث لعمر ـ أن تنفذ العملية بعد مغرب يوم الخميس، ولكن بعض المعوقات اللوجستية أدت إلى دخول القوات إلى الخرطوم صباح الجمعة.
وبحسب رواية مبارك الفاضل المهدي الذي قال في حوار أُجري معه في الذكرى الثلاثين لحركة يوليو، أن توزيع الأدوار لقيادات الجبهة الوطنية كان الآتي: السيد الصادق المهدي يبقى في لندن تحت غطاء أكاديمي وبأن لديه دراسات في جامعة اكسفورد، و. د.عمر نور الدائم وعثمان خالد مضوي بطرابلس على أساس أن لهما نشاط سياسي، والشريف حسين الهندي وبحكم تكوينه غير الميال للعمل العلني والظهور، دائما لا يعلن عن مكانه ولا عنوانه، أوكلت إليه مهمة الاشراف على المعسكرات.. وظل الهندي لصيقاً بالعمل العسكري داخل المعسكرات ومشرفاً عليه.

نجاح الحركة

ونجحت الحركة في الاستيلاء على مواقع هامة بالعاصمة الخرطوم، بعد معارك دارت في يوم الجمعة الثاني من يوليو، وبدخولها الخرطوم استولت على عدة مواقع في: وادي سيدنا شمالاً وسلاح المدرعات في الخرطوم جنوباً ثم مروراً بالإذاعة والتلفزيون وسلاح المهندسين والدفاع الجوي والسلاح الطبي ثم القيادة العامة والتي
لم يستطع القائد محمد نور سعد الوصول إليها لقيادة وحدات السودان منها مما كان سبباً من الأسباب التي جعلت النجاح يتحول إلى فشل.

غياب الحكومة واختفاء النميري

بعد أن استولت الحركة على العاصمة الخرطوم لمدة ثلاثة أيام، غابت الحكومة ورئيسها النميري عن المشهد تماماً، يقول الأستاذ بكري الصائغ بصحيفة الراكوبة: “وطوال ثلاثة أيام وهي المدة التي وقعت فيها الخرطوم تحت سيطرتهم، أي(قوات الجبهة الوطنية)ماكان هناك حس أو خـبر لحكومة الخرطوم…ولايعرف أحد أين نمـيري و نائبه الاول!!.”. ويُقال إن مكان اختباءه كان عند احدي الأسر السودانية. وعن حالة الرئيس نميري بعد ظهوره لأول مرة بعد ثلاثة أيام من الغزو(أي يوم الخامس من يوليو، يقول بكري الصائغ: “وبعـدها جــاء صـوت نـمـيـري …وكان في حالة يرثى لها، وواضحة عليه علامات الإنهاك والتعب الشديد، وفي حـالة عـصـبيـة مـريعـة، وراح يـؤكـد ان البلاد تعـرضـت لغـزو(مـرتـزقة)جـاءوا مـن ليبـيا لتقليـب الـوضـع وأن هـؤلاء(الـمـرتزقـة)مـازالـوا بالعـاصـمة الـمثلثة… ودعـا نـمـيـري جـنـوده وضـباطـه للقضـــــاء عـليـهـم تمامآ!!!.

أسباب الفشل

يُعتقد أنه من الأسباب المهمة التي أفشلت حركة يوليو غياب الإعلام، فالمعارضة بالداخل لم تقم بإعداد آليات التعريف أوإعداد بديل للإذاعة التي توقفت وفر العاملون منها ولذلك فإن الحكومة نجحت في نعتها بـ(المرتزقة)مما دفع الجيش السوداني لمواجهتها بشراسة على أساس أنها قوات أجنبية تريد غزو السودان ومما حدا بالشعب الى الوقوف لجانب النظام أو على الحياد.
وصدّق الناس ذلك إذ أنهم لم يسمعوا بياناً أو توضيحاً لهذه القوة او الحملة التي دخلت السودان ولا يعرفونها ولا يعرفون قياداتها والتي غادر بعض منها السودان قبل فترة طويلة ولم يسمع بهم أحد(حيث لا تُوجد قنوات فضائية أو وسائط إعلامية أو مواقع للتواصل الاجتماعي)كما يحدث اليوم. ورغم ذلك استمرت معارك جزئية وفي مواقع متعددة لم تستسلم ولكن عدم الاتصال فيما بينها أو مع قياداتها كان سبباً في إخمادها ودحرها، مما أدّى لقيام مجازر في داخل العاصمة وخارجها راح ضحيتها عدد كبير من المجاهدين والمواطنين الأبرياء. ويُؤكد الكثيرون أن الحماس الطاغي الذي أبداه الجيش في مجابهة حركة يوليو 76 انما يعزى أساساً لتحدي(مجموعة مدنية غير نظامية)لجيش نظامي… كان الأمر بالنسبة للجيش أمر كرامة وشرف عسكري أكثر منه تأكيدأً للالتزام بالنظام القائم أو رئيسه. وتحدث القيادي الاتحادي الراحل حسن دندش عن سبعة أسباب أدت لفشل الحركة :

أولاً :كان مقرراً في الخطة فتح سجن كوبر واطلاق سراح سعد بحر وأنس عمر وضباط صف طواقم دبابات حركة حسن حسين عثمان التي كانت في 5 سبتمبر 1975م.

ثانيا: كان مقرراً أن يرتدي المقاتلون الملابس العسكرية التي تشبه زي القوات المسلحة السودانية حيث ظل الزي قابعاً في «الحفرة» التي دفن بها في غرب أم درمان.

ثالثا: كان مقرراً أن تحمل سيارة الاذاعة التي كان مداها(1600 كيلومتر) وتشغيلها في حالة عدم القدرة على تشغيل اذاعة أم درمان .

رابعا: أدّى تأخير ساعة الصفر للاشتباك العسكري الذي حدث عند بوابة النيل الأبيض مع وحدات سلاح المهندسين مما أدّى إلى تأخير وصول القوات التي كان مقرراً لها الاستيلاء على اللواء الأول والثاني مدرعات الشجرة.

خامسا: كانت هنالك مجموعة من شباب الاخوان المسلمين في منطقة اللاماب بحر أبيض يفترض تسليمهم كميات من الأسلحة للقضاء على نميري ومن معه بمطار الخرطوم. مما أدّى إلى تعثرهم في الوصول للمطار في الوقت المناسب الذي حطت فيه طائرة النميري قبل نصف ساعة من موعدها وكان مقررا القضاء عليه فور النزول من طائرته.
سادسا: هنالك عدد كبير من الضباط في الخدمة داخل القوات المسلحة كان من المفترض مشاركتهم في حركة يوليو ولكن لم يتم اخطارهم بساعة الصفر على سبيل المثال منهم العقيد محمد ادريس هباني وآخرين. وأيضاً تخبط المدنيين المسلحين الذين شاركوا في القتال وجهلهم بجغرافية العاصمة.

أسباب الفشل حسب رؤية جهاز أمن النميري

وكتب عبد الله الشقليني تحت عنوان: نظرة جهاز الأمن لحركة 2 يوليو 1976 .. (عرف جهاز الأمن بالخطة وتكتم على الأمر، وبدأ يرصد ويتابع أمر المعسكرات في ليبيا، بجهاز الأمن خارج السودان، أما الاستخبارات العسكرية فقد تمسكت بالنمط التقليدي للانقلابات العسكرية، رغم تنويرها بأن هناك احتمال لهجوم قوة
غازية صبيحة 2 يوليو 1976)، ويُعدد أسباب فشل الحركة للآتي:

أولاً: تعجل تنفيذ العملية رغم عدم قناعة قائدها(الشهيد العميد محمد نور سعد)بأن التوقيت غير مناسب وعدم إمساكه بكافة الخيوط.
ثانياً: عدم تمكن القائد من التحدث مباشرة مع العناصر المساعدة والتنسيق معها.
ثالثاً: إشراك أكثر من طرف، وتعدد الأهداف.
رابعاً: محاولة القائد محمد نور سعد تفادي الاحتكاك المباشر بالقوات المسلحة، في تعاطف مهني، بأن لا يهزم جيش غازي جيش الوطن النظامي.
خامساً: محاولة احتواء العملية بواسطة السيد الصادق المهدي وإخفائه ساعة الصفر عن الأطراف المحلية عدا شباب الأنصار.
سادساً: وصول مقدمة الغزو في وقت مبكر إلى الخرطوم، عرّضهم للكشف بواسطة المصدر الأمني(…)وتم توزيعهم في منازل مستأجرة بواسطة السيد مبارك الفاضل المهدي بمدينة أمدرمان(الثورة)لإيواء العناصر إلى موعد التنفيذ. وكانت توزع لهم المؤن بكميات كبيرة مثل صفائح الجبنة والطحنية. تم القبض على تلك العناصر واعترف البعض وكُشفت الخطة. أما الخطة التضليلية للجبهة الوطنية فهي دفن السلاح في المقابر بشمال أم درمان، هذا ما سمع به المصدر( .. وهو رجل بسيط يعمل حداداً. ونقل الأمر للأمن، ولكن الأسلحة كانت مدفونة غرب أمدرمان، ولم تزل البقية مدفونة ولا أحد يعرف مكانها. وأشارت معلومات أن اللجنة الداخلية للتعبئة وعددهم 42، قد تم القبض عليهم جميعاً، عدا ميرغني ضيف الله الذي هرب، وكان على رأس المقبوض عليهم المحامي علي محمود حسنين ومجموعته.
سابعاً: لم يكن أحد يعرف موعد 2 يوليو سوى الشريف الهندي والسيد الصادق، وترك الشريف للصادق نقل ميعاد ساعة الصفر للعناصر الداخلية، وتقول المصادر الأمنية أن الخبر عندما وصل الاتحاديين بالداخل، كانت عناصر حزب الأمة تقول بأن التنفيذ قد تأجل، مما أفشل العمل التعبوي الجماهيري.
ثامناً: افتقاد التنسيق المطلوب بين العمل المدني والعمل العسكري للحركة، فلا توجد وسائل اتصال. وقد احتلت القوة المناط بها إحتلال دار الهاتف بقيادة الطيب البيطري وغازي صلاح الدين. وتسلمت كل شيء حيث أنه لم يتسن لها الاتصال بقائد العملية لمعرفة كيف تتصرف. وكان الإتفاق بأن يتم إحتلال الإذاعة أولاً ويتم البث الإذاعي من سوبا، إلا أن المكلف بهذا العمل اختفى تماماً.
تاسعاً: اهتمام قائد العملية بعدم الاحتكاك بالقوات النظامية، ومحاولته الوصول بنفسه إلى تلك القوات بدون وسيلة اتصال. وحسب تقرير جهاز أمن النميري الذي أورده عبد الله الشقليني، ومرجعه الأساسي هو:(أسرار جهاز الأمن، عميد أمن(م)محمد عبد العزيز محمد إبراهيم و عقيد أمن(م)هاشم عثمان أبورنات. فقد وردت معلومات مهمة وخطيرة، بعضها في صالح الجبهة الوطنية، وهي تبرأة هذه الحركة من أن تكون عبارة عن(مرتزقة)بل أكّد التقرير أنها قوات سودانية، ولم يتأكد لهم وجود أجانب معها، حيث يقول التقرير تحت سؤال : هل شاركت عناصر غير سودانية في الحركة؟ يقول التقرير: حرص الشريف حسين الهندي أن تكون العناصر كلها من السودانيين، رغم أن عدد من المشتركين ولإقامتهم الطويلة في المعسكرات، لم يقوموا بحلق شعورهم، مع إطلاق اللحى والشوارب ساعد في تغيير ملامحهم، ولم تتح العجلة في تنفيذ الإعدامات أول بأول من التحقق من عدم وجود مرتزقة ضمن القوات التيقامت بحركة 2 يوليو 1976).

معلومات خطيرة

وهناك معلومات خطيرة تحتاج لتأكيد أو نفي من عدة جهات وهي – حسب التقرير – (من الملاحظ أن قوات من شباب الأنصار كان قد دُفع بها عبر مديريتي دارفور وكردفان إلى السودان. وتم اعتقال تلك العناصر في دارفور. قدمت تلك القوة إلى المحاكمة في جبل أولياء. وتم العلم بأن قوات خاصة دفع بها السيد الصادق المهدي للتخلص من قائد الحركة(العميد أ.ح. محمد نور سعد)وأحد قادة الاتحاديين(علي محمود حسنين) وأحد قادة الإخوان المسلمين(عثمان خالد مضوي)تم كشف تلك العناصر وتم إعدامها ما عدا عنصرين فقط، مما حزّ في نفس القائد محمد نور سعد).

التداعيات والنتائج

وصاحبت حركة يوليو أحداث وأشياء تحدث لأول مرة:

أولاً:  لأول مرة تقوم فيها الأحزاب الكبرى مجتمعة بعمل عسكري فني مخطط له يستبق النظام الحاكم.
ثانياً: وأول مرة يتضح بوضوح للمخططين في الأحزاب الفروقات(بين الرئيس الطاغية والجيش القومي)ويتلمسون ضرورة الاستيلاء على السلطة بلا كسر للجيش القومي.
ثالثاً: ولأول مرة تقوم غزوة بالعربات لقوة كبيرة وحديثة وعبر الصحراء الواسعة. وتسير لأيام قاطعة مايزيد عن(ألفي كيلومترا). وهذه(الغزوة)وهي أول مرة تحدث فيها فنيات تعرف الآن”بحرب التويوتا”وان كان فيها(المرسيدس 6X6)والفيات والجيب الأمريكي.
رابعاً: وكذلك لأول مرة يقوم بعد المعركة بالخرطوم معرض كبير ملأ كل(ميدان أبو جنزير)للأسلحة والمعدات والعربات والصور. هذا المعرض أقامه النظام ليستعدي الشعب على الجبهة الوطنية، وقامت عضوية الجبهة بزيارته لتستقوي بـ(مشاهده العجيبة).
خامساً: وأيضاً لأول مرة يتوصل النظام ومعارضوه إلى أن المشاكل السياسية ليست لها حلول عسكرية. فقد غير النميرى من أشياء كثيرة بعد أن عرف أن البندقية يمكن أن يحملها آخر غيرهم، وبدأت بعد معركة 2 يوليو 76(لعبة سياسية)لم تنته حتى الان.!!

ماذا قال هؤلاء

1\ منصور خالد
تـطـرق الـدكتـور مـنصـور خـالد فـي كـتابه(الـنخـبة السـودانيـة وإدمـان الفـشـل) إلـي أحـداث الثانـي مـن يـوليـو 1976 وذكـر أسـمـاء بعـضآ مـن ضـحـايا القوات الـمسـلحـة، وقال مـنصـور: إن نـمـيري اضطـر وبسـبـب هـذا الحـدث الكبير المفاجئ والذي هزه هزة شديدة أن يقوم بتغـيـير كثيـرآ من أفكاره وسياساته لقيادة الـدولة، وأصبح يقبل بالمشورة والنصح من الآخرين(أعضاء الاتحاد الأشتراكي)بعد أن كان يرفض رفضاً تامآ للالتفات لهم ولنصائحهم، وينفرد دوماً باتخاذ القرارات الكبيرة والصغيرة. وقال منصور خالد عن لحظات النجاة هو والنميري(لم ينج النميري والوزراء المرافقون له – وكنت واحداً منهم – الا لوصول طائرتنا قبل نصف ساعة من الموعد المقرر مما ضاعف من ايمان الرئيس بوسطائه السماويين. كان المتمردون قد استولوا قبل وصولنا على العديد من المواقع بسرعة فائقة كما حاصروا القوات الموجودة بالقيادة العامة للجيش).

2\ حسن الجزولي
وكتب حسن الجزولي مقالاً بموقع الحزب الشيوعي السوداني قال فيه: (ولأن الانقلابيين قد باغتوا النظام، فإن الناس قد عاشوا وسط معلومات متضاربة وبها كثير من الضبابية، فيما لم يتسن لأي جهة، معرفة هوية المهاجمين للعاصمة أو أهدافهم، حيث لم يتمكن الانقلابيون، من إذاعة بيانهم الأول لأسباب فنية، حتى تتعرف عليهم الجماهير!، وكما يشير عصام الدين ميرغني أبو غسان في كتابه (الجيش السوداني والسياسة)قائلا:”فمن ما يقارب الألف ومائتي مقاتل لم ينج سوى تلك المجموعة الصغيرة، وقتل معظم قادة وأفراد قوات الجبهة الوطنية وهم يقاتلون في شجاعة وبسالة منقطعة النظير لتحقيق هدف كبير لاستعادة الديمقراطية مهما كان نوعها – مرشدة ومستدامة – قُتلوا في معركة كبيرة توحد ضدهم فيها الشعب وقواته المسلحة نتيجة لقراءة سياسية خاطئة من قيادة الجبهة الوطنية ونتيجة لاخراج سئ للحركة قاد إلى رفض قبولها” ومضى موضحاً أن إخفاق الجبهة الوطنية في تنظيم العملية المساندة من تنظيم عسكري داخل القوات المسلحة للمساعدة في اسقاط النظام واستلام وتأمين السلطة قاد إلى أن”أصبحت المواجهة مع القوات المسلحة وليست مواجهة مع النظام المايوي، أقتنعت القوات المسلحة أنها المستهدفة، فخرجت في توحد وجماعية كاملة للدفاع عن نفسها، والدفاع عن شرفها من مغبة الهزيمة من غزاة لا تعرف هويتهم).

3\ الشيخ إبراهيم السنوسي
وكتب الشيخ إبراهيم بصحيفة(رأي الشعب)الآتي: أما سبب الفشل الاستراتيجي فلقد تمثل في عدم وضع احتمال لفشل الهجوم وعدم وضع أي بدائل إلى أين تذهب القوات؟ وكيف تنسحب إذا لم تنجح العملية العسكرية؟ وهذا كان خطأً جوهرياً لأنه بعد فشل الحركة لم تعرف القوات أين تذهب إلى جانب أن عامل الزمن أدّى دوراً حاسماً في انهيار الخطة فقد ضاع الوقت في مشارف العاصمة التي وصلنا إليها يوم الخميس ولكننا لم نقم بالهجوم إلا صباح الجمعة، وذلك الوقت الذي أُهدر في صرف التعليمات والسلاح من قبل القيادة مما
فتح المجال لوصول الرئيس نميري لمطار الخرطوم والتوجه إلى مكان اختبائه، أدّى إلى فشل عامل المفاجأة علماً بأن الهجوم بدل أن يتم قبل بزوغ الشمس حدث بعد شروقها مما أضاع فرصة مباغتة الوحدات العسكرية في ثكناتها قبل أن تعلم بالهجوم أو أن تراه. ومن المشاكل التي واجهت القوات عدم تمليكهم خرائط للمواقع
المستهدفة خاصة وأن أغلب المجاهدين لم يروا مدينة الخرطوم من قبل وتسبب هذا في أن تتوه عدد من السرايا داخل العاصمة أو أن تذهب لمواقعها بعد أن استعدت القوات المسلحة لها.

الحركة الإسلامية ومجيئ نظام مايو

عندما عزفت الموسيقى العسكرية في 25\5\1969، معلنة الانقلاب العسكري بقيادة العقيد جعفر نميري، كان نصيب الترابي وعدد من قيادات جبهة الميثاق الإسلامي الاعتقال ودخول السجن وذلك قبل عدد من وزراء الحكومة. الانقلاب – حسب رؤية الإسلاميين – قطع الطريق أمام إجازة دستور 1968 الإسلامي في مرحلة القراءة الثالثة، وكذلك انتقاما من الحزب الشيوعي السوداني نتيجة لحله وطرد نوابه من البرلمان في حادثة الندوة المشهورة، حيث قامت جبهة الميثاق الإسلامي الجماعة الصغيرة والتي لها نواب يُعدون على أصابع اليد، قامت بتعبئة الأحزاب الكبرى(الأمة والاتحادي)وكذلك الشارع العام لحل الحزب الشيوعي، وأصدر الترابي سفره المشهور(أضواء على المشكلة الدستورية:حول مشروعية حل الحزب الشيوعي).

استهداف الترابي

يقول الترابي:”عندما ولجت إلى غياهب زنازين سجن كوبر وجدت نفسي وحدي إلاَّ من بضع رفاق من إخوة التنظيم الإسلامي وشريحته القيادية، لكني لم أجد رئيس الوزراء ولا وزير الدفاع ولا وزير الداخلية، في الحكومة المقلوبة، رغم أنّي أمثل حزباً صغيراً لا يتجاوز عدد نوابه في البرلمان أصابع اليد الواحدة”. يقول الأستاذ المحبوب عبد السلام في ورقة(المدرسة الترابية):”تلك الواقعة رسّخت في روع الترابي أن نبتته الإسلامية الموعودة هي المستهدفة بالانقلاب أكثر من الحكومة وأحزابها التقليدية المستغرقة في صراعاتها”.
مقاومة النظام المايوي توصل الإسلاميون إلى أنّ نظام مايو العسكري هو انقلاب شيوعي وسيسعى لتصفية وجود الإسلاميين، لذا شرعوا إلى مقاومته من أول يوم. فأخذت المقاومة أشكالاً مختلفة، أهمها العمل الشعبي عبر الثورات الطلابية، وذلك بالبيانات والندوات وتعبئة الطلاب، حيث كان يُسيطر طلاب الاتجاه الإسلامي على إتحاد طلاب جامعة الخرطوم، الأمر الذي جعل النظام المايوي يعتبر هذه الجامعة على حد قوله:(جزيرة رجعية في محيط ثوري هادر) ودخلت دبابات النظام إلى داخل الجامعة كأول حدث تشهده الجامعات السودانية، وهتف لها الطلاب الشيوعيون آنذاك(اضرب اضرب يا ابو القاسم، حاسم حاسم يا ابو القاسم) وابو القاسم المقصود هنا هو العقيد ابو القاسم محمد ابراهيم (عضو مجلس قيادة ثورة مايو).

كذلك شاركت الحركة في مقاومة نظام مايو بالمشاركة مع الإمام الهادي في أحداث الجزيرة أبا في العام 1970، واستشهد منهم القيادي في الحركة الإسلامية الأستاذ الجامعي الدكتور محمد صالح عمر. واكتملت حلقة المقاومة الطلابية بثورة شعبان 1973، بقيادة أحمد عثمان مكي(ود المكي)رئيس إتحاد طلاب جامعة الخرطوم. وأكبر مجهود لمقاومة نظام مايو قامت به الحركة الإسلامية هو مشاركتها في الجبهة الوطنية بجانب حزب الأمةوالاتحادي الديمقراطي، وقاموا بغزو الخرطومفي 2\7\1976.

تأسيس الخلايا العسكرية

أحد قيادات الحركة الإسلامية – فضّل عدم ذكر اسمه – قال:الفترة الأولى لنظام مايو بعد دخول الترابي السجن واستهدافهم من النظام، بدأ التفكير في تأسيس المكاتب العسكرية(الخاصة)للحركة الإسلامية، والغرض منها كان تأمين الحركة من الاستئصال، على غرارة ما حدث للإخوان المسلمين بمصر من قبل نظام عبد الناصر.

يقول المحبوب عبد السلام:”وجود الترابي في أول الداخلين إلى سجون ذلك النظام قد أعادت عنده بدورها ترتيب الأفكار والأولويات على نحوٍ جديد، سيتجلى أثره البعيد في المستقبل القريب. فقد أستقر رأي الترابي على أنّ الجيش السوداني قد إزدهد السياسة إلى الأبد بعد ثورة أكتوبر 1964م، إلاَّ أن قادة من رفاقه في الأخوان المسلمين أّلّحوا على الضرورة القصوى لتأسيس خلايا للحركة الإسلامية في الجيش والتهيؤ للتغيير عبر الوسائل كافة، مستشهدين بشواهد من الانقلابات العسكرية التي لم تكن تهدأ في العالم العربي ولا في أفريقيا، وإذ تصدى لهم الترابي بشدة يرفض الفكرة، فإنّ انقلاب مايو 1969 قد وضعه نظرياً في صفهم ريثما تكتمل الرؤية ويبدأ التأسيس الذي أكمل للحركة مشروعها الإستراتيجي في التمكين أعجل مما خططوا وقدروا، بعد عقدين بالتمام من ذلك اليوم”.

شهداء الحركة الإسلامية

وتميزت مشاركة الحركة الإسلامية في حركة 2 يوليو 76 بالمشاركة النوعية، وكان معظمهم من الشباب وطلاب الجامعات، لذا دارت أشرس المعارك في المواقع التي كانوا فيها مثل(دارالهاتف)وسجّل بطولاتهم الشاعر الشهيد عبد القادر علي في قصيدة مشهورة مطلعها:
هلم رسول الله أعددنا العريش
القوم هم القوم كأنهم قريش
والحق هو الحق مرماه لن يطيش
وذكر فيها شهداء دار الهاتف بقوله:
يا سيد الأنصار يا صاحب المنديل
بلّغ أخانا السابح في العرش في القنديل
صنديد دار الهاتف رجّع صداه النيل
إنا سلكنا دربه نطوي النهار بالليل
ومن أشهر الشهداء الشهيد عبد الإله خوجلي شقيق الأستاذ حسين خوجلي رئيس تحرير(صحيفة ألوان)والشهيد عبد الله ميرغني شقيق الأستاذ عثمان ميرغني رئيس تحرير(صحيفة التيار)والشهيد حسن سليمان صاحب قصيدة(قسمات الفجر) والتي نظم أبياتها في معسكرات التدريب، ويقول مطلعها:
قسمات الفجر تتهلل بندى الإسلام تتبلل
والنسم الطيب يتعلل بأريج القرآن الزاكي
القائد أقسم لن نرجع ولغير الخالق لن نركع
سنُطهر وحل المستنقع ونُثير النقع لعراك
يا خالق أخلصنا النية ورفعنا الراية المطوية
ونروم الغرف العلوية يا عدن قد هبّ صباك

الشيخ الترابي وتقييم حركة 2 يوليو 76

(قد يأتي النصر في صورة هزيمة، لقد خسر المسلمون معركة أحد ولكنهم كسبوا معركة قيم الشورى والطاعة إلى يوم القيامة)هكذا علّق الشهيد سيد قطب على هزيمة المسلمين في معركة أحد. لقد مثّلت معركة الثاني من يوليو 1976 نقطة تحول كبيرة في استراتيجية الحركة الإسلامية وطريقة عملها في السودان، بالإضافة لخططها في مقاومة نظام مايو. وأخذت الحركة الإسلامية منها عبراً كثيرة، وذلك بعد تقييم الحدث. والشيخ الترابي هو القيادة الفكرية والسياسية والتنظيمية للحركة الإسلامية، قد قام بتقييم حركة 2 يوليو 1976، حينها كان موجوداً بالسجن. يقول الشيخ حسن الترابي في كتابه القيّم:(الحركة الإسلامية في السودان: التطور والمنج والكسب)وتحت باب: نشاط الحركة في حياة المجتمع، في فصل بعنوان: السياسة، وتحت عنوان: (المجاهدة السياسية) كتب الشيخ الترابي: “لا ينفك العمل الإسلامي الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر عن مجاهدة يحتمل فيها الأذى ويحمل على الباطل بقوة تُقاوم قوته مجادلة أو مفاعلة أو مقاتلة”.

وعن الخبرة في مقاومة نظام مايو بطرق مختلفة، يقول: “هكذا استفادت الحركة خبرة جديدة في وسائل المقاومة السرية التي لم يكن بها دربة. فاتخذت نظماً وأجهزة ومناهج في تحصيل المعلومات واستقراءها واستنباطها، وفي تأمين الإجتماعات والعلاقات والوثائق والأشخاص، وفي التدبير الخفي لمشروعات المعارضة ريثما تخرج وبث المنشورات وتحريك العناصر السرية، وفي تجاوز حدود النظام وتراتيبه حيلة أو خفية”. وبعد الحديث عن المعارضة السياسية تحدث عن العمليات القتالية التي اضطرت لها الحركة اضطراراً، يقول : “وإذا ذكرنا المعارضة والمصابرة والمهاجرة فإن المقاتلة هي الوجه الرابع والأبلغ لمجاهدات الحركة الإسلامية، وهو جهاد اضطرت إليه ضد النظام المايوي. وقد كان رصيد الحركة الإسلامية الحديثة إلى ذلك الحين محدوداً جداً في مجال الخروج الثوري الشامل أو حتى الأعمال القتالية المحدودة”.
ثم ذكر أسباب قتالهم لنظام مايو مفصلة، وذلك بقوله: “لكن الحركة بالسودان لجأت للقتال لا لتكون كلمة الله هي العليا، بل دفاعاً لئلا تكون فتنة ولينخلع نظام كفر وقهر سدّ حرية الدعوة إلى الله، واستجابة لعنف النظام
وشراسته، واستفزازاً من خطر توجهاته”.

ومن الأسباب التي هيئت الحركة الإسلامية للقتال هو اتصالها بعدد من الحركات الجهادية داخل وخارج السودان، ثم اطّلاعها على عدد من القراءات التراثية والمعاصرة، حيث يقول: “وكانت الجماعة عندئذ متصلة بعض اتصال بالحركة الإسلامية الفدائية الفلسطينية مما أوحى لها بأمر القتال وهيأ لها أسبابه. ولقد تجاوب الإتجاه الجهادي الأنصاري التقليدي في السودان مع اتجاه الحركة الجهادي الحديث وعززه بمدد صادق. ولعل الحركة عندئذ كانت أيضاً قد تذكرت معاني الجهاد وتجاربه في التاريخ الإسلامي واتصلت بالأدب السياسي الثوري العالمي”. وأيضاً أثارت المشاركة في القتال جدلاً فقهياً كثيفاً، يقول الشيخ الترابي: “وقد أثار القتال قضايا فقهية وتربوية شتى اشتد وقعها واشتجر حولها جدل واسع في أوساط الجماعة. فاستفاض الكلام حول معاني القعود والإنخذال والنفير إلى الجهاد وحسن البلاء فيه”. وأيضاً نقاش حول المغزى والتحالف مع الآخر المختلف: “ولئن نقص من همة بعض المجاهدين أن القتال لم يكن لإقامة دولة إسلامية لكن لدرء فتنة عارضة، فقد كان الإرتياب الأكبر فيما استصحب الجهاد من تحالفات مع قوى سياسية أخرى أو التجاء إلى دول أجنبية شتى.

ولربما التبس على البعض مغزى القتال والموت والاستشهاد في صف مختلط النيات والعناصر”. ثم جدال حول العمل الميداني في المعركة: “تجادل الناس من بعد في ضوابط الجهاد: هل يجوز الإسراف في القتل والإثخان ترهيباً وتشريداً، أم الجائز والأوفق الاقتصاد وتصويب القتال إلى أهداف معينة”. ثم ظهر خلاف قديم بين (مدرسة التربية) و(مدرسة السياسة)، وذلك يالقول: “ومن جانب آخر ثارت المناظرة بين الجهاد السياسي والقتال – بين الذين يرون أن المجاهدة السياسية لها قدرها ودورها، والذين يرون أن الأفضل والأحسم للأمور هو الجهاد القتالي. ويمكن أن يلحظ المرء كيف كانت المناظرة بين السياسة والقتال وفاقاً للمناظرة قديماً بينها وبين التربية. فما أخذه أهل السياسة الأولى على العاكفين على التربية عاد يأخذه عليهم أهل المضي إلى الجهاد. وكان ذلك التفاعل على صعيد النظر وعلى صعيد العمل، وتمثل بوجهه الأخير في بعض مجانبة بين القائمين على التنظيم السري للجماعة بالداخل المهتمين بعد شئونها التنظيمية بمهام التفاعل مع الجماهير وتعبئة المعارضة السياسية، والقائمين في الخارج على تدابير القوة الجهادية المهتمين في أولويات نظرهم وعملهم بالتصويب بالقوة إلى رأس الفتنة وبضرب النظام لكي تنفتح الأبواب من بعد للدعوة الحرة والعمل السياسي البارد”.
ثم يُلخّص الشيخ الترابي الفوائد الجمة التي عادت على الحركة بمشاركتها في هذه العمليات العسكرية، يقول:
“مهما يكن فقد دخلت معاني القتال والاستشهاد لأول مرة في رصيد الحركة. وكان ذلك من قبل تصوراً للاعتقاد وقصصاً للاستماع والاعتبار، فأصبح تجربة فعلية واندرج في كسب الحركة منهجاً تربوياً وهمّاً تنظيمياً. واستفادت الجماعة من دون ذلك تزكية لروح الانضباط والالتزام بقدوة الذين تلقوا تدريباً جهادياً وبمثال المجاهدين الذين بذلوا أرواحهم فأوحوا إلى من خلفهم بمعاني بذل الجهد والوقت والمال في سبيل الله”. واعتبرها الشيخ الترابي من أساليب الجهاد السياسي، لم تنسخ ما قبلها ولم تحجب الحركة عن التطور بعدها: “ولئن تناصرت المعلومات من الشرع والمأثورات من التاريخ مع هذه التجربة الذاتية لتعمق روح الجهاد وتركزه في منهج الجماعة، ثم توافرت تجارب جهادية حديثة سابقة ولاحقة في كثير من بلاد الإسلام، فقد كان القتال أسلوباً من أساليب الجهاد السياسي العام في الحركة لم ينسخ ما جربته الحركة قبلاً ولم يحجب ما طورته بعداً من مناهج العمل والإصلاح”.
ومن أهم النتائج العملية لحركة 2 يوليو 1976 هو قبول النظام الدخول في مصالحة وطنية مع مكونات الجبهة الوطنية، وذلك بعد عام من غزو الخرطوم وذلك في يوليو 1977، وسنفرد مقالاً خاصاً عن المصالحة الوطنية.