مقال: الفقر هو أصل الثورة والجريمة
بقلم: د.محسب انور محسب
Mohassab1900@gmail.com
مدخل اول :
سوق سعد قشرة : سعد صالح (أصول يمنية) أضاف طوب (أحمر) خارجي لبناء الجالوص ثم ادخل قشر الفول السوداني كحماية للمبنى من عوامل المناخ ، فتحول الاسم الى (سعد قشرة ) من العبارة سعد ” قشر بيتو” وعند نقل سوق الشمس من منطقة موقف حافلات الجيلي والحلفايا (شرق الاستبالية) الى موقع سوق سعد قشرة الحالي شمال غرب منزل (سعد صالح) اخذ السوق اسمه.
مدخل ثاني :
عصابات الشباب (youth gangs) :
“أن الانسان الضعيف قد يصبح وحشا مفترسا اذا اتيحت له الفرصة ، واذا كان يشعر بالحقد على الحياة والمجتمع ”
اجاثا كرستي
)النيقرز) او (نيقا ) (Nigga) تستخدم الكلمة في العامية الإنجليزية العامية الامريكية لوصف الأشخاص سود البشرة ( أصول افريقية – أصول لاتينية) ، ظهور المصطلح في السودان والدول المجاورة (مصر- السعودية) كواحدة من تأثيرات الاعلام خاصة الأفلام الامريكية التي تتحدث عن مجتمعات السود ، رغم ان المجتمع السوداني كله اسود البشرة (درجات متفاوتة) الا ان البعض تأخذه العزة بدرجة سواده الأقل ليتفاخر على درجات السواد الاخرى ، رغم ان اسم السودان مشتق من (اسود) واستعير عنوان راوية احسان عبد القدوس ” يا عزيزي كلنا لصوص” لتصبح “يا عزيزي كلنا سودانيين”.
واعتقد ان التأثير القادم من الشمال كعادته (شره وخيره) الفرضية الاكبر لتكوين تلك العصابات وسط اللاجئين هنالك نتيجة لحرب الجنوب ومنها انتقل التأثير لمناطق سكن تلك المجموعات حول العاصمة لتنضم اليها مجموعات أخرى من نازحي الداخل واللاجئين من دول افريقية تشابه الوضع في السودان.
ازدياد حدة تلك العصابات وزيادة تنظيمها بعد اتفاقية السلام وتسريح الالاف من العسكريين من دون إعادة دمجهم في المجتمع وإيجاد وسائل انتاج لهم.
اعتقد ان السبب في زيادة وطأة تلك التكوينات الاجرامية في بدايتها (بداية الالفية الثانية) مرتبط بزيادة رصيد السلع في المجتمع وبالتالي زيادة عدد السلع ذات القيمة المتاحة للسرقة ( نموذج الجوالات + أجهزة الحاسوب ) والملاحظ في فترة ما قبل البترول كانت المسروقات عبارة عن المصوغات الذهبية والملابس وأجهزة التلفاز هي الأكثر سرقة الضغوط الاقتصادية والجريمة:
الذي قال أن الفقر ليس عيباً كان يريد أن يكملها ويقول ” بل جريمة” ولكن الأغنياء قاطعوه بالتصفيق الحار”
تشي جيفارا
تراجع مستويات النمو وارتفاع معدلات البطالة وتراجع مستويات الدخل نتيجة للتضخم لها عظيم التأثير على الشباب والفئات خارج نطاق الاجر الشهري الثابت (عمال اليومية) وأصحاب التعليم المنخفض والفئات المجتمعية ذات البنية الاقتصادية الهشة كل ذلك بالإضافة لعوامل أخرى يولد الإحباط والميل للسلوكيات الاجرامية لتوفير الحد الأدنى من الاحتياجات الحياتية الأساسية ، ونظريا ” كلما زادت الازمة الاقتصادية ترتفع معدلات الجريمة .
وكلما كان الانحسار الاقتصادي سريعاً كلما ارتفع الطلب على السلع المسروقة وظهور أسواق متخصصة لبيع المسروقات.
في الدول التي ترتفع فيها المسؤولية الاجتماعية تعمل الدولة على تقديم مساعدات مالية او عينية للفئات المتضررة ويتطلب ذلك وجود احصائيات (إحصاء مركزي) وذلك لتقليل معدلات الجريمة والحد من الانماط الحديثة التكوين منها ، استمرار الازمة الاقتصادية بدون حلول يؤدي الى ترسيخ ثقافة الجريمة في المجتمع وتطور الأنماط خاصة عصابات الشباب.
السؤال القيمي أين اخلاق المجتمع من كل ذلك؟
تنحسر اخلاق المجتمعات مع انحسار الرفاهية وتدني الوضع الاقتصادي ليصبح الفعل الاجرامي فعل غير مجرم أخلاقيا ، ونجد ذلك في ثقافة بعض المجتمعات مثلا ظاهرة (الهمباتة ) رغم تطاول الزمن كخير مثال حيث يعتبرهم المزاج الشعبي أبطالا، ويعتبرهم البعض مجرد قاطعي طرق، ويشبههم البعض ب(صعاليك العرب) الذين يأخذون من الأغنياء ليعطوه الفقراء.
” الفقر هو أصل الثورة والجريمة”
أرسطو
الخطورة في أن تتحول تلك التكوينات الاجرامية لحركات مطالبة ثورية اجتماعية بعد استغلالها من بعض الأطراف الايدولوجية (يمين _ يسار) لعمل سياسي و ستكون العاصمة (ربع سكان السودان تقريبا) مسرحا لها ، وستتنوع تلك التشكيلات والتشكيلات المضادة لها.
أولى تلك المؤشرات ” ان صح الحدث” انتقال تلك العصابات من الأطراف لمناطق تعتبر مركزية وقريبة جدا من سلطة الحكومة (سوق سعد قشرة) والملاحظ أيضا كلما حدث انفلات امني نتيجة لحدث سياسي تنشط تلك التكوينات وتتطور وتتسع رقعة انتشارها..!