السودانيون ما بين اليقظة والأحلام: فرحة العودة للديار وصدمة الواقع
بقلم : حسام الدين كرنديس
منذ اندلاع الحرب في السودان في أبريل 2023، عاش ملايين السودانيين في حالة من التهجير والنزوح الداخلي والخارجي، بعضهم اتجه إلى دول الجوار، والآخرون لجأوا إلى ولايات أكثر أمانًا داخل البلاد ، ومع هدوء نسبي للأوضاع الأمنية في بعض المناطق، بدأ البعض يعود إلى دياره وهو يحدوه الأمل، ولكن سرعان ما تتحول هذه العودة إلى صدمة حقيقية عند الاصطدام بواقع مؤلم، تتجلى فيه آثار الدمار وانعدام أبسط مقومات الحياة.
العودة المشوبة بالأمل
أعداد العائدين: وفقا لتقارير المنظمات الإنسانية، فإن أكثر من 300 ألف نازح عادوا إلى مناطقهم في ولايات مثل الجزيرة والنيل الأبيض وسنار و الخرطوم خلال الأشهر الماضية.
أغلب العائدين هم من المدنيين الذين كانوا يعيشون في مراكز الإيواء أو لدى أسر مضيفة.
الدوافع وراء العودة
تدهور الوضع المعيشي في مناطق النزوح ، فقدان الأمل في المعونات الإنسانية المنتظمة ، الحنين للديار والارتباط بالمكان و الممتلكات و الأشخاص و الذكريات ، التشوق و الأمل لمستقبل مشرق.
صدمة الواقع المؤلم
. الدمار الواسع: الخرطوم وبعض مدن الجزيرة و سنار تشهد دمارا واسعا للبنية التحتية، حيث أُحرقت أحياء سكنية بالكامل. المدارس، المستشفيات، والمساجد نهبت أو دمرت، وتحولت بعض المباني إلى مواقع عسكرية مهجورة.
غياب الخدمات الأساسية مثل الكهرباء تكاد تكون منعدمة في معظم الأحياء، والاعتماد على الطاقة الشمسية محدود للغاية. ا شبكات المياه إما مدمرة أو غير صالحة، ويعتمد السكان على الآبار أو نقل المياه بصهاريج التى غالبا ما تكون ملوثة بسبب عدم وجود من يهتم بنظافتها خلال فترة الحرب تحديدا .
الصحة: المستشفيات العامة متوقفة، والنظام الصحي منهار، مع نقص حاد في الأدوية والكوادر.
التعليم: المدارس مغلقة أو مدمرة، ولا توجد خطط واضحة لإعادة تشغيل النظام التعليمي.
التحديات الاجتماعية والاقتصادية
البطالة والفقر: معظم العائدين فقدوا وظائفهم ومصادر دخلهم، مع غياب فرص العمل. ارتفاع كبير في أسعار السلع الأساسية، نتيجة انهيار سلاسل الإمداد.
الوضع النفسي سيء : كثير من العائدين يعانون من صدمات نفسية جراء مشاهد الحرب والنزوح، دون أي دعم نفسي منظم. الأطفال في حالة نفسية هشة بسبب غياب التعليم والاستقرار. جهود التعافي وإعادة الإعمار
المنظمات الإنسانية: تقوم منظمات مثل الهلال الأحمر السوداني، ومنظمات دولية كـ ( أطباء بلا حدود ) بتقديم المساعدة، لكنها لا تغطي الحاجة الضخمة ، توزيع مساعدات غذائية وصحية محدود وغالبا غير منتظم و نادرا تصل لمستحقيها .
مبادرات مجتمعية
تشكلت لجان أهلية لإعادة إعمار الأحياء، وتنظيم خدمات النظافة وحماية الممتلكات، يبقى الاعتماد على بعض المغتربين السودانيين يرسلون دعما ماليا مباشرا لأسرهم.
مطالب عاجلة خطة وطنية واضحة لإعادة الإعمار تشمل: إصلاح شبكات المياه والكهرباء. إعادة تأهيل المدارس والمستشفيات، دعم العائدين بالمواد الغذائية ومستلزمات المعيشة. دعم نفسي واجتماعي للمتأثرين بالحرب.
اخر الكلام
ما بين فرحة العودة وألم الواقع، يعيش السودانيون لحظة فارقة من تاريخهم الحديث. فاليقظة على حقيقة ما خلفته الحرب من دمار تفوق كل التوقعات ومع ذلك، تظل روح الصمود والتكافل التي تميز المجتمع السوداني بارقة أمل في مستقبل يمكن بناؤه بسواعد أبنائه، إذا ما وجد الدعم والتخطيط اللازم.