“الشحدة” .. ما بين طلب العون و تبادل المنافع

بقلم – حسام الدين كرنديس

مقدمة

تعد العلاقة بين الرجل والمرأة جزءا أساسيا من التفاعل الإنساني، ومع ذلك ففي العديد من المجتمعات، هناك ظاهرة اجتماعية مقلقة، تنتشر في بعض السياقات، وهي استغلال الرجال للنساء من خلال طلب التقرب منهن لتحقيق مصالح شخصية أو عاطفية أو جنسية (غالبا ما تكون جنسية).

يطلق البعض على هذه الظاهرة في المجتمع السوداني مسمى (الشحدة)، حيث يتم تبادل العواطف أو الحميمية بمقابل مادي، وظيفي، أو تقديم خدمة دون استحقاق، هذا النوع من الاستغلال يعكس اختلالا أخلاقيا و قيما سلبية تضر بالنسيج الاجتماعي.

ماهية الظاهرة

هي شكل من أشكال الاستغلال غير الأخلاقي، حيث يستغل الرجل ضعف المرأة الاجتماعي أو احتياجاتها لتحقيق أهدافه أو العكس . يتم ذلك غالبا من خلال :

– الإغراء بالمنافع المادية أو الوظيفية : تقديم عروض مالية أو فرص عمل مقابل التودد العاطفي أو الدخول في علاقات غير مشروعة.

– الابتزاز العاطفي : محاولة كسب ثقة المرأة والتلاعب بمشاعرها للوصول إلى غايات شخصية.

– تقديم خدمات كوسيلة للإغواء : مثل وعود بالمساعدة في أمور حياتية أو حل مشكلات مقابل إقامة علاقة.

الجذور الاجتماعية للظاهرة

تنتج هذه الظاهرة عن مجموعة من العوامل الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ، من أبرزها :

– الفقر والحاجة المادية : في بعض المجتمعات، قد تلجأ النساء إلى قبول مثل هذه العلاقات بسبب ظروفهن الاقتصادية المستعصية .

– تسلط النساء : انخداع النساء بالمظاهر ، تصديق تمجيد الرجال لهن ، أوهامهم بالقدرات الخارقة و التفرد و الإختلاف عن نظيراتهن، عدم إدراكهم للواقع.

– انعدام الوعي الأخلاقي : غياب التربية الأخلاقية والتوعية بمخاطر استغلال العلاقات الإنسانية.

– ظاهرة التفكك الأسري : غياب دور الآباء و انشغالهم عن تربية الأبناء، تعويد الأطفال بتلبية رغباتهم و زرع صفة حب الامتلاك في كل الظروف، الدلال الزائد للأولاد.

– التحولات الاجتماعية : تفشي القيم المادية والاستهلاكية التي تجعل العلاقات الإنسانية تقوم على المصالح.

الآثار السلبية للظاهرة

–  على النساء:

الشعور بالمهانة والإحباط نتيجة استغلالهن ، فقدان الثقة في العلاقات الإنسانية ، التعرض للتنمر أو الوصم الاجتماعي.

– على الرجال:

تعزيز القيم السلبية، مثل الاستغلال و الابتزاز وعدم الاحترام ، فقدان احترام الآخرين ، مما يؤثر على السمعة.

– على المجتمع:

تدهور العلاقات الإنسانية المبنية على الاحترام ، زيادة معدلات العنف أو التوتر في العلاقات بين الجنسين ، تفكك القيم الاجتماعية والثقافية ، ظهور شخصيات ضعيفة على مناصب قيادية ومؤثرة ، عدم ضرورة الاجتهاد الأكاديمي ، تهميش الشخصيات المتميزة .

طرق مواجهة الظاهرة

– التوعية الأخلاقية والمجتمعية:

تعزيز القيم الأخلاقية التي تحث على الأحترام المتبادل  وعدم استغلال الظروف ، وذلك من خلال المناهج الدراسية والبرامج الإعلامية.

– عدم التمييز بالنوع :

ضمان حصول الكفاءات على فرص بالتقييم العلمي المحايد في شتى المجالات.

– تشديد العقوبات القانونية:

سن قوانين صارمة تعاقب الاستغلال الجنسي أو الابتزاز في جميع أشكاله و تطبيق القانون على الكل .

– تيسير الزواج:

حث الشباب على الزواج ، ترخيص المهور ، القبول بالقليل.

– تعزيز الحوار بين الجنسين:

تشجيع حوار مفتوح وصريح بين الرجل والمرأة لتعزيز العلاقات المبنية على الاحترام والتفاهم.

الخاتمة

ظاهرة ( الشحدة ) ليست مجرد قضية فردية، بل هي انعكاس لاختلالات اجتماعية وأخلاقية تتطلب معالجة جذرية من خلال تعزيز الوعي، وفرض القوانين، يمكن تقليل هذه الظاهرة وبناء مجتمع يحترم حقوق الجميع ويحافظ على قيمه الإنسانية ، يجب أن يكون الهدف الأساسي هو خلق بيئة  تعزز العلاقات المبنية على الاحترام المتبادل، بعيدا عن أي استغلال أو مصالح شخصية.