من كتاب: سلسلة حكايات والدي | القصة الثانية

د. جيهان الياس

“حكايات والدي” هي عنوان لكتاب أعده الدكتور جاسم خليل ميرزا يروي فيه أحسن القصص عن والده حفظه الله، فهو رجل حكيم فلسفته في الحياة (أعمل كل شيء لوجه الله تعالى)، ومن أولوياته تنظيم إدارة الوقت وأداء الصلوات في أوقاتها والصدق والأمانة في التعامل مع الناس، والحرص على صلة الأرحام ومراعاة مشاعر الآخرين.

القصة الثانية : الطب العربي القديم

في حكايات الحاج خليل ميرزا التي تم تدوينها في كتاب (حكايات والدي) هناك دروس وحكم وعبر تجعلنا نتأمل في مخلوقات الله سبحانه وتعالى ونفكر في فوائدها وسبب وجودها في الحياة فهو يحكي عن لقمان الحكيم، أنه قد أصدر أمرًا بأن لا يداوي أحد أي مريض من دون العودة إليه ليتم الأمر بأمره، وذات يوم كان علي ظهر فرسه باتجاه الصحراء وكان خلال الطريق يتأمل الكائنات التي يراها ويدقق النظر فيها ثم يتساءل قائلا (سبحان الله علي خلقه فهو لم يخلق كائنا بلا مهمة في هذه الحياة)، ومن يدري دور هذه الخنفساء الصغيرة التي تدب علي الأرض بتثاقل كبير، ويقول في نفسه حتما لها فائدة قد لا نعلمها.

وتابع لقمان الحكيم طريقه في الصحراء، فوجد بيوت للبدو تفتح نحوها، وعندما وصل إليها أصابه غشاء علي بصره ولم يعد يري جيدا،، تحول في المكان فخرجت إليه امرأة فسألته عن حاجته وماذا به؟ فقال لقمان: لقد جئت لهذه المنطقة وفجأة لم أعد أرى شيئا كأنني أصبحت بالعمي. فقالت المرأة المسألة بسيطة ويمكن معالجتها، لكن لقمان الحكيم يمنعنا من مداواة الناس بمعزل عنه،، أجاب لقمان: لا تكترثين بذلك فأقمنا بعيدا من هنا وأنا بحاجة إلى العلاج فإن كنتي تستطيعين ذلك فافعلي يا أختيه فوالله أني لا أستطيع أن أتبين شيئا كأنني أصبت بالعمي.

ذهبت المرأة وأعدت العلاج المناسب للفنان وبعد قليل عادت إليه وهي تحمل العلاج لعينيه، فأعطته مرهما مصنوعا بشكل يدوي وطلبت منه أن يضع علي عيناه، ففعل ذلك فانتظر قليلا فعاد بصره كأن شيئا لم يكن.

تأمل لقمان هذا المرهم وقال للمرأة لقد عرفت معظم المواد التي يتكون منها هذا المسحوق لكن شيئا واحدا بقي مجهولا بالنسبة لي، فمم يتكون هذا العلاج يا أختيه؟ فأجابت المرأة البدوية من أجنحة الخنفساء الصغيرة التي أمشي في الصحراء والتي وهبها الله سبحانه وتعالى صفة علاج اليوم ومداواتها إذا ما عصف بها المرض.

فكر لقمان الحكيم في عظمة الخالق وحكمة المرأة البدوية وذكائها ومعرفتها بالطب العربي القديم، ثم أصدر قرارا بالسماح للخبراء في أمور المعالجة الطبية التي يقومون بها دون العودة إليه.