“موقع اوبن سودان” يحاور السفير الهندي: أسرار نجاح “أكبر ديمقراطية في العالم”

 في غرفة الاستقبال التي تتوسطها صورة المهاتما غاندي، شخصية الهند الأشهر، تحدث سفير الهند لدى السودان، سعادة السفير “باوا سيد مبارك” مع موقع “اوبن سودان” حول بلاده “أكبر ديمقراطية في العالم” وأسرار تطورها، وعلاقتها الممتازة مع السودان منذ زمن بعيد. ونقدم لكم أدناه إفادات السفير  حول أسئلتنا.

أجرى الحوار: د. مصطفى سيد، ووائل جمال الدين


يقول السفير مبارك:

  •  أعمل في الحقل الدبلوماسي منذ 21 عاما،  وتعلمت اللغة العربية في القاهرة، في الجامعة الأمريكية، خلال عام واحد.
  •  وصلت السودان كسفير منذ فبراير 2022، وكنت قبل ذلك سفيرا للهند في غواتيمالا، في أمريكا الوسطى.
  •  للهند عالميا 140 سفارة، وعلاقاتها جيدة بهذه الدول. وإذا نظرت لمبادئ الهند عموما، فالهند نالت استقلالها من بريطانيا بطريقة الكفاح السلمي، وكان المهاتما غاندي أو زعيم للاستقلال. ونالت الدولة استقلالها عام 1947، ونحتفل الآن بمرور 75 عاما على الاستقلال. لقد روّجت الهند دائما للحرية والديمقراطية بين الدول.
  •  هناك العديد من أوجه التعاون بين الهند والسودان، وقدمت الهند للسودان مساعدات عديدة منذ استقلالها، فأول انتخابات تمت في السودان تم تنظيمها بواسطة هيئة الانتخابات الهندية. وهناك قصة مشهورة، فحينما ذهب الوفد السوداني إلى مؤتمر باندونق، لم يكن يحمل معه علما، فأخرج رئيس الوزراء الهندي الأول وقتها جواهر لال نهرو من جيبه منديله الأبيض، وكتب عليه كلمة “السودان” فأصبح هذا علما للسودان في ذلك المؤتمر.
  •  هناك أكثر من 100 ألف سوداني تخرجوا من الجامعات الهندية، وهناك 10 آلاف طالب سوداني يدرسون في الهند الآن. كل عام السفارة الهندية تستخرج ما يقارب ألفي فيزا دراسية.
  •  لدينا أيضا منحة آيتك، وهناك 270 سودانياً يحصلون على هذه المنحة سنويا في مجالات متعددة.
  •  قمت بزيارة عدة ولايات سودانية منها سنار، والجزيرة والنيل الأبيض “الدويم”. أنا أقول إن الولايات السودانية هي “أرض البركة” خصوصا الزراعة في الجزيرة. أعجبتني طيبة السودانيين في كل مكان ذهبت إليه، واحترامهم للهنود والثقافة الهندية.
  • – هناك تشابه كبير جدا بين السودان والهند في التنوع والقبائل واللغات والثقافات. ما استطاعت به الهند أن تحافظ على هذا التنوع هو الدستور. الهنود كلهم متساوون أمام الدستور، ومن المهم احترام الدستور وتطبيقه، ووجود المؤسسات الدستورية والقانونية. لقد تم إرساء هذه المبادئ بواسطة الزعماء الهنود مثل غاندي ونهرو.
  • – بداية حياة المهاتما غاندي في العمل كانت في جنوب أفريقيا. كان مهتما حينها بقضايا الحقوق مثل حقوق الإنسان والمرأة، وقضية التفرقة العنصرية في جنوب أفريقيا. وبدأت المظاهرات دون عنف، ونجحت في جنوب أفريقيا، وقام باتباع هذا الأسلوب في الهند ونجح. لقد قام غاندي بتطبيق ما يؤمن به، واكتسب ثقة الناس. عاش المهاتما غاندي حياة بسيطة، لا يرتدي حتى ملابس كثيرة. وأحترمه الناس من كل أنحاء الهند.
  •  بعد استقلال الهند تطورت البلاد في مجال التعليم والصحة والتقنية، وبعد سنوات من الاستقلال أراد الزعيم نهرو نقل التجربة الهندية وتقديمها للدول الأفريقية، ومنذ الخمسينات كان هناك تنسيق بين الهند والدول الأفريقية في مجالات متعددة، وكثير من زعماء الدول الأفريقية درسوا في الهند.
  •  سر نهضة الهند هو التعليم. بعد الاستقلال تم إقامة العديد من المنشآت التعليمية، ومنها معهد الهند للتكنلوجيا، ومعهد الهند للإدارة، وغيرها. لقد ركزت الحكومة الهندية جهودها على التعليم.

الرئيس التنفيذي لشركة غوغل الآن هو من معهد الهند للتكنلوجيا، والرئيس التنفيذي لميكروسوفت من معهد الهند للتكنلوجيا أيضا. إنهم ثمار هذه المؤسسات. إن الاستثمار في التعليم مهم جدا، والهند ليس لديها ثروات طبيعية كبيرة مثل البترول والذهب، لكن ثروتها هي الإنسان.

  •  العلاقات السودانية الهندية قديمة، فالهنود أتوا للسودان قبل أكثر من 150 عاما للتجارة، والكثير منهم استوطنوا وأصبحوا سودانيين. والسودانيون درسوا وتخرجوا في الجامعات الهندية، فأكثر من 100 ألف سوداني تخرجوا من الهند. وهناك تشابه كبير في العادات والثقافات بين البلدين، مثل التشابه في الملابس بين الساري الهندي والثوب السوداني، والصندل المشهور في تقاليد الزواج في السودان.
  •  الأفلام الهندية لديها تأثير كبير خاصة على الجيل القديم من السودانيين، الذين يعرفون الأفلام الهندية مثل “مزر إنديا” وغيرها، فالعلاقات بين الهند والسودان علاقات تلقائية.
  •  الهند الآن هي ثالث شريك تجاري للسودان بعد الصين والإمارات. يستورد السودان من الهند الآليات والملابس والأدوية، ويصدّر لها الفول السوداني والسمسم والصمغ العربي.

 وقبل أيام كان هناك مؤتمر الحبوب الزيتية في الخرطوم، وشاركت فيه أكثر من 30 شركة هندية. وأتوقع نمو العلاقات السودانية الهندية في السنوات القادمة، خصوصا في مجالات الطاقة والتنمية البشرية والزراعة.

  •  الجالية الهندية في السودان متركزة الآن في الخرطوم وأم درمان، وقلت أعدادها في الفترة الأخيرة لأسباب كثيرة، لكن عموما كثير من الجيل الجديد يهاجرون إلى أمريكا وكندا وغيرها، لكن هناك هنود من الجيل الجديد أيضا يعملون في السودان في مجالات الحديد والسيراميك والأدوية، وفي الشركات الكبرى مثل دال وسي تي سي وغيرها. تقريبا هناك حوالي 4 آلاف هندي في السودان، نصفهم هنود ونصفهم الآخر هنود سودانيون.
  •  تطورت الهند في المجال الطبي، وهذا يعود أيضا للاهتمام بالتعليم. لديّ صديق سوداني كانت زوجته تعاني من مشكلة في السلسلة الفقرية، وذهب بها إلى بريطانيا، لكن لم يتم علاجها، وعندما ذهب إلى الهند تم إجراء عملية جراحية ونجحت، وكان مندهشا وسأل الطبيب كيف ذلك؟ فأخبره الطبيب أنه أجرى أكثر من 9 آلاف عملية مشابهة، وفي في بريطانيا لا يتم إجراء هذه العدد الكبير من العمليات.

 قبل وباء كورونا كنا نصدر سنويا حوالي 10 آلاف تأشيرة علاج للسودانيين في الهند، الآن انخفضت الأعداد، لكن من المتوقع زيادتها لاحقا.

  • – في مكتب القنصلية في الخرطوم وضعنا إعلانا لتنبيه وتحذير المسافرين من تهريب الذهب، حيث أبرزت وسائل الإعلام حالات لتهريب الذهب تم اكتشافها في المطارات الهندية.

بعض المسافرين للعلاج يقومون بتحويل أموالهم إلى ذهب لتمويل علاجهم، ويعانون في الحصول على الدولارات، فيلجؤون لتحويل أموالهم إلى ذهب، وهناك أيضا عمليات التهريب في الملابس والأحذية. نحن نقوم بالتنسيق مع السلطات السودانية بخصوص هذه القضية بالفعل. وبالحديث عن الذهب، فهناك خمسة من الشركات الهندية تعمل في مجال تعدين الذهب بالسودان.

  • أكثر ما أحببته في السودان هم الناس، وأحببت الطعام السوداني مثل الكسرة والعصيدة والأقاشي، وكذلك الآبري والكركدي، والتمر “هندي”.