جوبا.. مناورة الإصرار على الحضور!

بقلم: النذير السر

– تناولت الأوساط سفر قيادات الصف الأول من الحزب الشيوعي وانخراطهم في تواصل واجتماعات مع حركتي تحرير السودان، (عبد الواحد) والشعبية (الحلو) وتكاثف التناول الإعلامي لهذه الزيارة بعد خبر تحفظ حكومة الجنوب على قادة الحزب الشيوعي، بعد أن أبلغت الجهات الأمنية بالخرطوم جوبا بخطورة هذه الاجتماعات على العملية السلمية المسمى (بسلام جوبا) مسكين الحزب الشيوعي الذي من المؤكد أنه تم استخدامه من قبل جوبا كآلية ضغط على الخرطوم، فمواقف الحزب الشيوعي واضحة تشابه شعاره ومناخ هذه الأيام (الشمس) فتحالفه مع الحلو ونور معلن، وقد اتخذ عددا من الخطوات العملية المحرضة لحلفائه المسلحين بعدم الانضمام إلى الحكومة حتى عندما كان مكونا رئيسيا من مكوناتها،وعبر عن ذلك بوقوفه خلف الاتفاق الإطاري بين (حمدوك والحلو) والذي قوبل بالرفض من المؤسسة العسكرية، وبعد موت هذا الاتفاق اختار الشيوعي طريقا أكثر وضوحا حيث وقع ذات الإطار مع عبدالعزيز الحلو باديس أبابا، فموقف الحزب والحلو ونور واضح، إذن ما الجديد حتى تستدرج جوبا قادة الحزب الشيوعي، لتضغط بهم على الخرطوم وهي الراعي الرسمي لاتفاقية السلام (سلام جوبا) الجديد هو الجهود الدولية والإقليمية التي تعمل الآن لإعادة هندسة العملية السياسية القائمة على هوادي الثورة تحت رعاية الآلية الثلاثية التي تضم الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وهيئة الإيقاد، وجدت جوبا نفسها خارج الوحدة الهندسية الجديدة كليا، فدولة جنوب السودان ليست عضوا في هيئة الإيقاد، ولم توجه الخرطوم الدعوة لجوبا لتكون حاضرة في تخلق المشهد السياسي الجديد، وربما هذا أنتج شعورا لجوبا بمحاولة الخرطوم الانعتاق منها نسبة لوجود تقاطعات سياسية وأمنية بين البلدين ومنها احتفاظ جوبا بالحلو وقضية جبال النوبة كورقة ضغط استراتيجي على الشمال في ظل بقاء مساحات عدم الثقة بين أطراف سلام الجنوب(سلفا، رياك) وربما شعرت غالب أطراف العملية السلمية بعدم قدرة جوبا الفنية والمالية في دعم الاتفاقية التي رعتها بينها وبين الخرطوم، بل وعدد من المؤشرات تؤكد على متانة الثقة بين حركات الكفاح المسلح والقوات المسلحة وعدم احتياجها لجوبا لإزالة أي عقبات تعترض مسار التفاهم بينهم الأمر الذي يجعل جوبا تقف متفرجة، وهو ما يطلق يد الخرطوم لترد بالمثل في حال استخدمت جوبا أوراقها الأمنية تجاه الخرطوم(الحلو، نور الشيوعي) وهو الأمر الذي دفع توت قلواك لزيارة الخرطوم من غير دعوة الأخيرة له، وقد جاء باستعداد مسبق ليجاوب على أسئلة الخرطوم المكشوفة على تحركات الشيوعي ونور الحلو ضد الاتفاقية التي رعتها جوبا ذاتها، وأصدر قرار بالتحفظ عليهم! وفي العرف السياسي فإن أي زيارة لقيادات حزبية بهذا المستوى لا تتم إلا عبر دعوة رسمية تتلاقها من القيادة السياسية والأمنية العليا للدولة المستضافة، فهل تكتفي جوبا بهذه المناورة لإجبار الخرطوم لضمها للآلية الثلاثية لهندسة الانتقال أم تتطور لازمة بين البلدين تحتاج نفسها لآلية أخرى لهندستها.