الانتخابات المبكرة.. الريشة في قلب العاصفة

الخرطوم –  آمنة حسن

– منذ انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر بدأ الحديث متواتراً عن إجراء انتخابات مبكرة، وصرح عدد من أعضاء مجلس السيادة بالبدء في التحضيرات الأولية ، حيث جرت مناقشات بين أعضاءه لتنهي المرحلة الانتقالية الحالية، وقد ترأس رئيس المجلس الفريق أول عبد الفتاح البرهان اجتماعا دوريا انعقد بالقصر الجمهوري مطلع الشهر الماضي ناقش خلاله الشروع في الإجراءات العملية للانتخابات المقبلة. وبحسب المجلس، فإن مفوضية الانتخابات أعدت جدولا لها يبدأ خلال يناير الجاري وينتهي في يوليو 2023 ، لكن يبقى السؤال المهم، هل ستنهي هذه الإجراءات حالة الاضطراب السياسي والتظاهرات المستمرة للثوار ؟ وهل تتوفر الشروط والإمكانيات لإجراء هذه العملية ؟

 

تحركات سيادية

وقالت عضو مجلس السيادة والناطق الرسمي باسمه سلمي عبد الجبار في تصريحات صحفية مطلع الشهر الماضي أن المجلس “استمع إلى شرح واف من المفوضية حول الإرث التاريخي  للعملية الانتخابية بالبلاد.” وأوصى المجلس بالبدء في التوعية الإنتخابية عبر وسائل  الإعلام المختلفة، وتوفير المطلوبات اللوجستية والمواد الانتخابية، كما اطلع عضو مجلس السيادة الانتقالي مسؤول ملف الانتخابات مالك عقار اير على أهم مطلوبات الانتخابات القادمة ، بما فى ذلك تحديد الخطوات التي تسبق العملية الانتخابية ووضع قانون لها، وتسلم سيادته خلال لقائه بالقصر الجمهور وفد المفوضية القومية للانتخابات برئاسة أمينها العام السر أحمد المك، ملفاً متكاملا عن الانتخابات في السودان ، منذ تاريخ إجراء أول عملية حتى آخر انتخابات  شهدها العام ٢٠١٥م.
وأوضح الأمين العام للمفوضية في تصريح صحفي عقب اللقاء أن مطلوبات العملية الانتخابية ستقدمها المفوضية الحالية التي تملك أصول وإمكانيات مقدرة، للمفوضية القادمة . مشيراً إلى أن قانون الانتخابات الحالي هو قانون العام ٢٠١٨م، وبالتالي يمكن النظر فى تشكيل لجنة لإعداد القانون الجديد يمثل الإطار القانوني للعملية حيث يحدد النظام الانتخابي وجميع المراحل الخاصة بذلك . وقال ألمك إن الاجتماع اتفق على دعوة إدارة الإحصاء السكاني لما له من أهمية خاصة للعملية الانتخابية لاعتماد تقسيم وتوزيع الدوائر الجغرافية عليه.  لافتاً إلى أن الانتخابات القادمة ستجرى حسب المعايير الدولية ووفق قانون حاكم يضمن لكل الأحزاب السياسية المشاركة الفاعلة للوصول إلى نظام سياسي منتخب وهو الأمثل للتداول السلمى للسلطة بالبلاد.

 

ترتيبات فنية

ويحتاج إجراء الانتخابات إلى ترتيبات فنية وسياسية، غائبة عن التحركات التي تقوم بها قوى عديدة ، فلم يتم تشكيل المجلس التشريعي أو الانتهاء من وضع الدستور أو حتى تشكيل مفوضية للانتخابات، اضافه إلى القوانين المنظمة لهذه العملية وما تتطلبه من إجراءات متباينة لن يتم إنجازها وسط هذه الاضطرابات والصراعات السياسية، هذا ما ذهب إليه المحلل السياسي محمد عبدالرسول في حديثه للأخبار بأن الانتخابات في الوضع الحالي تزيد من الأزمة و سوف تفاقم من الأوضاع لان الأطراف لن تقبل بها ولا حتى النتائج التي ستسفر عنها إجراء انتخابات قبل استكمال استحقاقتها من تكوين مفوضية و قانون انتخابات و قبل ذلك مجلس تشريعي عدا ذلك تكون مجرد صناديق و ناخبين تكرس للمزيد من الانقسام ، إضافة إلى أنه لا تتوفر الشروط لإجراءها في ظل غياب الحكومة و الفراغ الدستوري منذ ما يقارب 80 يوم لا يوجد برلمان يجيز قانونها كما أن تهيئة الأجواء يجب أن تسبق الحملات الإنتخابية لتعريف المرشحين ببرامجهم الإنتخابية وهذا يبدو من الصعب أن لم يكون مستحيل في ظل الظروف الأمنية الحالية و الاضطرابات التي تشهدها البلاد.

 

مشاركة العساكر

وقد أعلن الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان في مقابلة مع وكالة رويترز منتصف الشهر الماضي أن الجيش سيترك الساحة السياسية بعد الانتخابات المقررة في عام 2023، مضيفا أن المؤتمر الوطني لن يكون جزءا من المرحلة الانتقالية بأي صورة من الصور
وأوضح البرهان “عندما تأتي حكومة منتخبة، الجيش والقوات النظامية ليست لديها مشاركة في الشأن السياسي” مشيرا إلى أن هذا هو الوضع الطبيعي وما تم الاتفاق عليه، الا ان بعض المراقبين يرون عكس ذلك ويرجحون أن تعمل بعض القيادات العسكرية على ترشيح نفسها في الانتخابات القادمة و ذلك بعد خلع البزه العسكرية وهو ما حدث في بعض الدول العربية والأفريقية، أو العمل على إطالة فترة الحكم العسكري والمماطلة في تسليم السلطة كاملة للمدنيين حتى لا يترجل العساكر عن مناصبهم ،. وفي هذا الشأن قال المحلل السياسي محمد عبدالرسول أن كرروا أكثر من مره عدم نيتهم او الرغبة والاستمرار في السلطة لكن في الإقليم حدث عكس ذلك خلال تجارب بعض الدول العربية و الأفريقية ، ومع ذلك لا اتوقع ان يترشح اي من القادة العسكريين سواء حميدتى أو البرهان الا بعد خلع البزة العسكرية لأن القوانين لا تسمح بترشح عسكريين في السباق الإنتخابي لكن ليس بعيدا ايضا ان يترجلا من البزة العسكرية للدخول في معترك السياسية

انتخابات نزيهة

وقال فولكر بيرتس رئيس بعثة يونيتامس بالسودان إن الأمم المتحدة ستدعم انتخابات نزيهة ولن تدعم انتخابات مفبركة النتائج مسبقا، واشار في حوار مع قناة الجزيرة إن بعض الناس يتخوفون من أن الانتخابات ستاتي باناس لديهم ايدلوجية متطرفة في إشارة إلى الإسلاميين.، “لكن لابد من إجراء انتخابات لان البديل سيكون حكم عسكري إلى الأبد بمشاركة قوى مدنية عبر اتفاق” كما دعا بيرتس إلى منح الشعب الثقة لاختيار من يمثله، إلى ذلك قال المحلل السياسي الشبلي محمد يوسف أن إجراء انتخابات في ظل هذه الأوضاع السياسية المضطربة بالتأكيد ستكون العملية مشوهه وغير نزيهه أو غير حقيقية بالمره، لأنها لا تستند على الشروط الواجب توفرها من قوانين إلى مجلس تشريعي إلى دعم لوجستي وغيره حتى إذا تم تقديم الدعم من المجتمع الدولي، إضافة إلى أن عملية التزوير والتلاعب في فرز الأصوات واردة مهما كانت المراقبة الدولية والإقليمية.

أراء حزبية

يرى بعض المراقبين انه كلما أحكمت الأزمات خانقها بالبلاد  يلوح بعض الفاعلين في المشهد السياسي  بكرت الانتخابات المبكرة بوصفها الحل السحري لازمات البلاد العصية علي الحل، وهذا ما تراه معظم الأحزاب السياسية وتعتبره التفافاً على الواقع السياسي، إلى ذلك
قال الحزب الشيوعي السوداني في بيان له إن إجراء انتخابات عامة مبكرة سيؤدي الى مفاقمة الأزمة الراهنة وبقاء عناصر النظام الانقلابي وحلفائهم في السلطة، كما تعتبر محاولة للهروب الى الامام من الازمة الوطنية الشاملة وتزوير للإرادة الشعبية بهدف شرعنة الانقلاب والحفاظ على الهياكل السياسية والاقتصادية للنظام المباد الذي ثار عليه الشعب في ثورة ديسمبر ، ووضع الحزب شروطا تسبق العملية الانتخابية منها إسقاط النظام الانقلابي الحالي وتصفية نظام الإنقاذ بالكامل و ابعاد كوادره من المواقع الأساسية في أجهزة الدولة المدنية والعدلية واسترداد الأموال المنهوب ، إضافة لحل جميع المليشيات وتسريحها وإعادة دمجها في القوات النظامية وهيكلتها لتصبح قوات قومية بعقيدة واحدة لحماية الشعب والوطن، وأيضا القصاص العادل لشهداء ثورة ديسمبر ومساءلة ومحاسبة كل من أسهم في ارتكاب جريمة في حق الشعب والوطن، إلى جانب قيام المؤتمر الدستوري القومي
ما جاء في بيان الحزب الشيوعي ليس بعيدا عن أراء معظم الأحزاب الأخرى خاصة في الوقت الراهن الذي يشهد تظاهرات لا تزال مستمرة دون توقف الا بتنحي العساكر، ومهما توافقت القوى السياسية الان فإن إجراء انتخابات يصبح أمراَ عصياً لعدم توفر الشروط اللازمة من بينها الاضطرابات الأمنية في إقليم دارفور والتفلتات هنا وهناك إلى جانب المجلس التشريعي والمفوضية وقانون للانتخابات والإحصاء السكاني.