شرعنة الإنقلاب اليائسة

بقلم: هبة زمراوي
– عندما خرج السيد عبدالله حمدوك رئيس الوزراء المفوض من قبل الشعب، والذي نال ثقة الشارع سابقا ب(مليونيات) مؤيدة له، كان لسان حال الشارع السوداني يقول أن لا تاتي خيرا من تأتي متأخراً وإن صح التعبير خير أن لا يأتي أبدا بدلا من التوقيع علي أتفاق مع طغمة العسكر الذين يعتبرهم الشارع عدوه الأول، لقد خيب حمدوك آمال الكثيرين بعد أن كان رمزاً للمدنية وأصبحوا يرونهم مجرد موظف للطغمة العسكرية الفاسدة الظالمة القاهرة قاتلة الاطفال .
والمضحك المبكي حقا هو أن البعض من كاملي الثقة في عبدالله حمدوك عقولهم لم تستوعب ماقام به الرجل وأصبح يخلقون له الأعذار و المبررات،( ربما أجبر علي التوقيع، قد يكون تعرض للتعذيب أو أسرته، أو أنه فاقد للوعي)، وذهب البعض إلي أنه رجل حكيم وأنه يدرك ما يفعل وستكون هناك مصلحة في ما قام به، ولكن حتى وإن كانت هذة المبررات والاعذار تحمل شيء من الحقيقة،فالأولى أن يضحي من أجل الشفافية التي يسعى الشارع لتوفيرها في حكومته، وإلا فأن لا مبرر للإنحياز للمليشيات وطغمتها، ربما لو كان الأنحياز للجيش كمؤسسة عسكرية ما زال الشارع يظن بها خير لكان أفضل.
وما يثير الفضول حقا هو لماذا وافق حمدوك بهذا الاتفاق بعد أن سقط أربعون شهيداً غالبيتهم من الأطفال، لقد كان هذا الخيار أمامه قبل الخامس والعشرين من إكتوبر الماضي أي قبل إنقلاب البرهان المشؤوم، فلو أنه وافق الآن لوقف إطلاق النار وحقن الدماء فمن غير المتوقع أن يتوقف الشارع عن المواكب ولا أصحاب البنادق الذين هم فوق القانون من إطلاق الرصاص، أما اذا كان قد رأي هذا الاتفاق مجحف قبل الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي أي حينما عرض عليه في المرة الأولى وخاف أن ينقلب عليه الشارع، فأن هذا الإتفاق الغامض لا يزال مجحفاً في حق الوطن والمواطن ولم تصححه الأيام وقد قلب هذا الاتفاق الشارع عليه.
كما أن الحضور الذي كان شاهداً علي هذا التوقيع فيما يتمثل في أعضاء مجلس السيادة الجديد الذي عينه البرهان دون ألية واضحة في الإختيار بالإضافة للعمد والمشايخ الذين ولي عهدهم مع غياب للأحزاب السياسية ولجان المقاومة الذين يقودون الشارع الآن، بالإضافة إلي سرعة دول بعينها لمباركة هذا التوقيع وهي دول هتف ضدها الشارع كثيراً بأنها تريد تغويض ثورته ولا تريد للسودان التقدم وتهاب إنتقاله للحكم الديمقراطي، كل هذة أن دلت علي شيء إنما تدل علي أن هذا الاتفاق يخدم أشخاص سودانيين بعينهم مسنودين من جهات خارجية أيضاً معلوم لدى الشارع.
فمحاولة البرهان لشرعنة إنقلابه بوضع عبدالله حمدوك الذي يتمسك به المجتمع الدولي ومن قبله الشارع كرئيس للوزراء بصورة شكلية هي محاولة محكوم عليها بالفشل، فالشارع إرتفعت مطالبه لتتجاوز حمدوك والأحزاب الي فض الشراكة مع العسكر ومحاسبة المتورطين في قتل الشهداء والذين هم علي سدة الحكم الآن، والملاحظ انه كلما طغى العسكر وتجبر إرتفعت مطالب الشارع وزادت قوته مما يضع أي حكومة قد تأتي قي المستقبل أمام تحديات كبيرة.
طريق التحول الديمقراطى في بلد يعاني إختلافات عرقية وأثنية كبيرة أفضت لحروب داخلية بالإضافة لوجود حركات مسلحة ومليشيات وعدد ليس بالقليل علي سلطته من الإنتهازيين أصحاب المصالح الشخصية أو العمالة ومحيطه يعج بالدول أعداء الديمقراطيات لن يكون طريق معبد فقد يتعثر هذا التحول مرة وإثنين وربما عشرات المرات إلي أن يصل وجهته المنشودة وتبقى سياسة (النفس الطويل) هي المطلوبة في الوقت الراهن.
…
لماذا يظن الطغاة الصغار
– وتشحب ألوانهم –
إن موت المناضل موت القضية
أعلم سر احتكام الطغاة إلى البندقية
لا خائفاً..
إن صوتي مشنقة للطغاة جميعا
ولا نادماً..
إن روحي مثقلة بالغضب
كل طاغية صنم..دمية من خشب
..وتبسمت
كل الطغاة دُمىً
ربما حسب الصنم، الدمية المستبدة
وهو يعلق أوسمة الموت
فوق صدور الرجال
انه بطل ما يزال.
الفيتوري