كيف نجنب السودان سناريو الإنزلاق والفوضى

بقلم .د. عبد الناصر سلم
لاشك أن العبور بالمرحلة الإنتقالية في السودان يطلب بصورة كبيرة تماسك (الكتلة الحاكمة ) علي صعيد المدنيين والعسكريين ، فصمام أمان الفترة الحالية ، الإنسجام والتنسيق ، لاسيما أن لكل طرف أدواره المعروفة .
إن أي خلافات بين المكونين ستنعكس سلباً باضعاف الفترة الإنقتالية ،كما يفتح الباب واسعا أمام حدوث الكثير من السناريوهات .
وبالتالي تمساك الجبهة الداخلية يعد حجر الزاوية في العبور بهذه الفترة .
إن التشكيك والتخوين لايبني بلداً ، كما أنه لن يبقي ظهراً ولن يقطع أرضاً .
إن الفترة الإنتقالية فترة تأسيسية للانتخابات التى ستنطلق في العام 2024م وفقاً للوثيقة الدستورية وبالتالي يعول علي هذه الفترة بشكل كبير في تعديل كثير من القوانين ،ووضع الاقتصاد في مساره الصحيح ، بعد الانفراج الكبير الذى حدث في ملف رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ، وبعد الرجوع الطبيعي للبلاد الي حضن الاسرة الدولية .
المتأمل في المسار السياسي بالبلاد يلحظ تحديات كبيرة تحتاج الي تضافر الجهود من كل الاطراف والقوى الحية ، فقد شهدت الأيام الماضية توترات كبيرة وغير مسبوقة في الاقليم الشرقي ،وفق دعاوى أتفق كثيراً مع موضوعيتها ،وهي ملفات يمكن حلها عبر الحوار والحل السياسي .
ولعل سناريو الشرق الذى لا أحسب فيه براءة لاياد خارجية ربما يعمم علي بقية الاقاليم في الشمال والوسط وولايات دارفور ، ينبغي أن نقرأ مابين السطور جيداً في هذا السناريو المخطط والمدبر حتي لا تتدحرج كرة الثلج الي بقية الاقاليم !!
لقد رصدنا في هذه الفترة حالة من الاستقطاب السياسي الحاد ، وعلو التعصب القبلي والجهوي ، ولاشك ان هذا المسار يهدد من تقوية النسيج الاجتماعي ،ويضيع كثير من الفرص في خلق إجماع وطني حقيقي ، قطعاً لم تتقدم الدول بهذه الروح السالبة وهنا أحيل القارئ الي التنوع الاثني والعرقي في الدول العظمى وكيف استفادت منه لاسيما امريكا وبريطانيا وفرنسا .
بالتالي نحن نحتاج الي التقدم من هذا المربع (الرجعي ) بوضع حد له عبر تشريعات وقوانين واضحة تجرم التمييز والتحريض .
إن مجتمع دولة المدينة التى أسسها أفضل البشرية محمد صلي الله عليه وسلم جمعت القرشيين بأهل فارس ،ونجد ،والعراق ، والفرس والأحباش ،وفي ظل هذا التماسك انطلقت الفتوحات الاسلامية وذاع صيتها ،وشهدت الدولة الاسلامية حالة من التوسع بالدعوة والرفق واللين .
إن الحكومة الحالية تواجه تحديات كبيرة في محور استباب الأمن علي المستوي الداخلي فقد شهد الاسبوع الماضية وقوع جرائم هزت الخرطوم من القتل والنهب ،وهناك عبارة خالدة (إذا جاع الناس فلا يتوقع الاغنياء الأمن ) وبالتالي ماحدث وسيحدث له ثمة علاقة كبيرة بالضائقة المعيشية فالفقر قد عض الشعب السوداني بنابه حتي أدماة .
نحن في حاجة الي إجماع حقيقي ومصالحة وطنية لاتستنثي أحداً ،فالنتعظ مما حدث في العراق وسوريا وليبيا الجريحة .
السودان زاخر بموارده وأهله ،كل مانحتاجه التوافق والانسجام بين القوي الحاكمة والحية ، فما ينتظر البلاد في ظل التحديات الماثلة يحتم علينا إجراء مصالحة شاملة وواسعة النطاق ، عندما يتحقق ذلك يمكننا الحديث عن العبور !!.