إبراهيم غبّوش: قصة مهندس أوصل صوت الثورة للعالم فاعتقلته “إزالة التمكين”!

في العشرين من مايو الماضي غيّر المهندس إبراهيم يوسف “غبّوش” صورته الشخصية على صفحته بموقع فيسبوك، بصورة جديدة بها عبارة تقول ” بنحلم بي وطن عادل”. مرّ شهر واحد قبل أن يجد إبراهيم نفسه خلف القضبان الحديدية لسجن لجنة إزالة التمكين، الذي ظل فيه حتى اليوم. أكثر من 70 يوما قضاها مسجونا دون أن يقدم لمحاكمة. أسرة وأصدقاء إبراهيم أصبح حلمهم الآن أن تتحقق المقولة التي وضعها إبراهيم على  صفحته بفيسبوك في ذلك اليوم: العدالة.

المهندس الشاب إبراهيم غبوش يعمل في مجال هندسة البث الفضائي، يقوم هو وزملائه بتركيب معدات القنوات الفضائية والإذاعات، وتشغيل عربات التلفزة الخارجية، والاستديوهات، وغيرها. معظم القنوات والإذاعات الفضائية الموجودة في السودان لإبراهيم علاقة هندسية معها، وساهم هو وفريقه من المهندسين في تركيبها، بل امتد عمله حتى خارج السودان، فقام بتركيب إذاعات وقنوات في مختلف الدول، وساهم بصورة مباشرة في كسر حدة الحصار الأمريكي الذي كان مفروضا على السودان في المجال الهندسي، باستجلاب المعدات والتقنيات التي مكّنت السودان من الانخراط في مجال الاتصالات والبث التلفزيوني والإذاعي بصورة قوية.

إبراهيم، الذي وضع على ذات الصفحة بفيسبوك فيديو له وهو يهتف وسط المتظاهرين يوم 6 أبريل في محيط القيادة العامة، وجد نفسه “رهينة” لدى لجنة إزالة التمكين، في قضية قنوات طيبة، التي كانت من ضمن القنوات التي  يتعاون معها، مهندسا، وهي قنوات كثيرة سودانية وعالمية.

فيديو: م.إبراهيم وسط المتظاهرين في يوم 6 أبريل 2019 بمحيط القيادة العامة للجيش 

 

أصل الحكاية، كما يرويها المقربون منه، أنه صدر قرار في السابع من يناير 2020 من لجنة إزالة التمكين، بمصادرة شركة الأندلس التي تتبع لها قناة طيبة الفضائية، وفي ذات اليوم كان إبراهيم يقوم بعمل هندسي في عربة التلفزة التي تتبع لقناة طيبة، فقام من فوره بتسليم عربة التلفزة حسب توجيهات مديره المباشر، وحرص على استلام خلو طرف منه بذلك.

وتأخر استلام معدات ومقر قناة طيبة لبضعة أيام بعد صدور قرار مصادرتها، هذه الأيام كانت كافية للمسئولين عن القناة للخروج من السودان، واختفاء عربة التلفزة وغيرها من المعدات. ولاحقا بثت القناة برامجها من دولة تركيا.

عيّنت لجنة إزالة التمكين الصحفي ماهر أبو الجوخ مفوضا للقناة، يدير شئونها. وبدأت اللجنة تحقيقات مع إبراهيم حول القناة ومعداتها، وبالطبع لم يجدوا شيئا يفيدهم، فإبراهيم مهندس لا شأن له بالأمر، لكن اللجنة واصلت تحقيقاتها مع إبراهيم لأكثر من عام، ثم عمدت في الرابع والشعرين من يونيو إلى فتح بلاغ في مواجهته.

م. إبراهيم غبوش
م. إبراهيم غبوش

 

ذهب المهندس إبراهيم غبوش بنفسه طواعية إلى اللجنة لمواجهة البلاغ، لثقته في سلامة موقفه،   فتم القبض عليه وإيداعه الزنزانة، التي ظل بها حتى الآن. مرت أكثر من 70 يوما، دون أن يقدم المهندس إبراهيم للمحاكمة، أو يسح له بتقديم المرافعات والأوراق التي تثبت أن لا علاقة له بالأمر. ويقول المقربون منه إنه يسجن في زنزانة ضيقة مكتظة بالمحبوسين، في ظروف تفتقر تماما لمطلوبات حقوق الإنسان الأساسية.

ويقول صديقه وزميله المهندس مختار في منشور بصفحته في فيسبوك:

” لجنة ازالة التمكين  بتتعامل مع ابراهيم كانه كوز  لا قبلانه الخطاب العنده بتسليم العربة للادارة لا عاوزة تسمع شهود  دي قصة حياة اسرته في ٧٥  يوم الفاتو  ابراهيم دا كان معاي في سبتمبر ٢٠١٣ في اليوم الاعتقلو في Salah M Tijani  ايام جهاز الامن كان بوزع الرصاص زي الهدايا  و كان معاي في المواكب  و ٦ ابريل قطع كبري كوبر براهو و مشا ساحة الاعتصام  لمن تمسك مؤسسات الدولة  لي اقزام  اتوقع اي شي ! الاعتقال التعسفي ما مقبول  فرقك شنو من جهاز الامن لمن تعتقل زول شهرين و تلاته و ما تقدمو لي محكمة و لا تديهو حقوقه القانونية ولا تتحرى معاهو تاني ؟  انا ما شايف اي عدالة او اي تغيير”

ساعد إبراهيم كمهندس في إيصال صوت الثورة السودانية التي أتت بلجنة إزالة التمكين التي اعتقلته لاحقا، وكانت عربات التلفزة التي يقوم بتشغيلها تنقل مقابلات مفوض اللجنة لإدارة قناة طيبة، الصحفي ماهر بو الجوخ، وغيره من أعضاء اللجنة أثناء استضافاتهم المتعددة في قنوات العربية والحدث، وغيرها. وانتظمت الآن حملة إعلامية يقودها الصحفيون والإعلاميون  والمنتسبون لمختلف وسائل الإعلام السودانية تطالب بإطلاق سراحه.