هل يعاني حاكم دارفور “جلالة الملك”.. من النرجسية؟

مقال بقلم: هبة زمراوي
إضطراب الشخصية النرجسية هو إضطراب مزمن وشامل في الشخصية ولهُ صفاته وملامحه السلوكية، ويصنف كواحد من إضطرابات الشخصية في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية.
في هذا الاضطراب يتضخم فيه شعور الشخص بأهميته وتتولد لديهِ حاجة ماسة لأن يكون موضع الإعجاب عند الجميع، وتتدنى لديهِ مشاعر التعاطف مع الآخرين، وكذلك غالبا م ينشغل النرجسي بخيالات النجاحات الباهرة، القوة، الذكاء، الجمال، الحب المثالي، كما انه يكون شديد الاعتقاد بأنه شخصية متميزة وأنه يستحق الامتيازات وأن يعامل بشكل متميز واستثنائي، كما انه يعاني من نقص التعاطف مع الآخرين ومتبجح ومتغطرس في سلوكه وكلامه ولديه مشكلات مهنية ويبحث عن الاهتمام وإثارة الانتباه.
القيادة النرجسية هي أحد أساليب القيادة التي لا يهتم فيها القائد سوى بنفسه. فتتمركز الأولوية عند هذه الشخصيات حول أنفسها، ويكون ذلك بالضرورة على حساب شعوبها، والقيادة النرجسية تكون مدفوعة بصفات من الغطرسة المتعنتة، والانشغال بالذات، والحاجة الشخصية الأنانية للحصول على النفوذ والإعجاب.
أحياناً ترتبط النرجسية مع الغطرسة التي هي الإيمان الثابت بالتفوق على الآخرين، والإفراط في الشعور بأهمية الذات، تتجلى في تكرار ادعاءات متعجرفة، ووقحة أحيانًا، كما أن المتغطرس يقلل من شأن الآخرين فجأة، ودون أيّ سياق، يتحدث عليهم من وراء ظهرهم في غالب الأحيان، مما يجعلهم يتجنبون الاضطرار إلى التفاعل معه.
وليس النرجسية والغطرسة ببعيدة عنا عالم السلطة والسياسة في السودان فالكثير من الصفات سابقة الذكر تطابق صفات المسؤولين بصورة يكاد يراها الأعمى، وتنصيب مناوي مؤخرا كحاكم لإقليم دارفور في حادثة أشبه بالحكم الفدرالي، فالأقليم الذي توجد به خمس ولايات وخمس ولاة وجيوش ومليشيات وقوات أممية ونازحين وتفلتات أمنية، والقتل لا يفوت يوم عليه دون أن يمر بأهالي دارفور، والفقر والجوع والمرض، كل هذا لم يشفع لهم حتى يأخذ الحاكم الجديد (جلالة الملك) منصبه دون مهرجانات يشرع في تنفيذ مهامه (إذا وجدت) في أقصى فترة ممكنة.
المتابع لجلالة حاكم دارفور في الفترة الماضية والزيارات التي يقوم بها بطريقته الملوكية وجمع الحشود هنا وهناك دون فائدة للبلاد والعباد يتأكد تماما أن هذا المنصب لا يقدم ولا يؤخر في حياة أهل دارفور كما أن صاحب المنصب ليس بالجدير، وتجلى ذلك في حديثه خلال حفل التنصيب، فالرجل لا يفرق بين رئيس مجلس سيادة دولته ورئيس دولة مصر، وربما عنده سيان.
مناوي الذي احتفل بمنصبه بعقلية تفوق عقلية العهد البائد في عدم الإحساس بالشعب، كان من الأفضل له ولشعب دارفور خاصة وشعب السودان عامة أن يؤدي اليمين ويستغل طائرة للإقليم ويباشر عمله، حتى يقتنع به الناس كصاحب قضية، وأنه لم يحمل السلاح لسنوات من أجل (كرسي السلطة)، فالمبادئ لا تتجزأ، كما أن الملوك الذي يحتفلون ويتباهون بمناصبهم لا يشعرون باحتياجات الرعية يوما.
كان أجدر بالحكومة أن تعين أشخاصا تلمس فيهم روح المسؤولية والعمل وحب الوطن، وليس عيبا إذا استعانت بأطباء نفسيين في تحليل سلوك المسؤولين.