سيف الإسلام القذافي يعود إلى السياسة الليبية بقوة

بقلم: هبة زمراوى
– ظهور سياسي بحجم سيف الإسلام القذافي في الساحة السياسية الليبية قبل الانتخابات المزمع عقدها في ديسمبر المقبل ليس بالأمر البسيط، فسيف الإسلام هو ابن الرئيس الليبي المخلوع معمر القذافي، الذي انتفضت ضده ليبيا في فبراير 2011م، وقتل القذافي بعد تحول الثورة من سلمية إلى عسكرية والتي استمرت لأكثر من نصف عام.
سيف الإسلام الذي شاع عنه تدخله في قرارات أبيه ومحاولة القذافي لتوريث الحكم له من بعده، كان قد قد اعتقل عقب اندلاع ثورة فبراير2011م من قبل جماعات مسلحة وكان قد نعت الثوار أنذآك بمدمني المخدرات والمخربين وها هو اليوم وبعد مرور عشر سنوات على الثورة يخرج ليقول عن حراسه الذين أطلقوا سراحه (أنهم قد تحرروا من وهم الثورة).
بالطبع لا يستطيع سيف الإسلام أن يسيء للثورة التي تخلصت من أبيه إذا لم يكن يتلقى دعما قويا من الداخل والخارج، فوضع ليبيا الحالي من فقر وتشرذم وفوضى ربما ترجع بذاكرة الليبيين إلى عهد القذافي والمقارنة بينه وبين ما آلت إليه البلاد، كما أن هناك دولا لا تريد حكما مدنيا ديمقراطيا يأتي عن طريق ثورة شعبية ولن تسمح بتوطيد أركانه حتى لا تنتقل عدوى الثورة إليها، لذا تسعى لدعم الدكتاتوريين في المنطقة علانية، بالإضافة للدعم الذي يتلقاه مناصري سيف الإسلام من الأب الأعظم للدكتاتورية (روسيا).
ومن الملاحظ أن الثورات التي اندلعت ضد أنظمة ديكتاتورية سواء أزاحت الرئيس عن الواجهة أم لا، لم تنعم بفترة أمن وسلام، فمناصري الأنظمة المخلوعة يعملون ليل نهار من أجل فشل الأنظمة الجديدة، وعندما ينجحون ليس بغريب الإساءة للثورة والثوار وقد وصل الأمر في بعض الدول للمحاكمات التي انتهت بعقوبة الإعدام.
سيف الإسلام الذي أبدى نيته في الترشح للانتخابات المقبلة يبدو أنه قد نسي أن الثورة كانت ضده هو وأبيه، كما أنه ليس ببعيد أن يفوز فيها، باعتبار أنه يمكن أن يوحد ليبيا أو يرجع بها إلى عهد أبيه، بتجاهل مطالبته لدى المحكمة الجنائية الدولية باتهامه ارتكاب جرائم حرب، الشيء الذي يجعل ليبيا حتى لو اتحدت تحت إمرته لا تستطيع التقدم خاصة في الاقتصاد نتيجة المقاطعة الدولية التي سوف تشهدها ليبيا.
المشهد السياسي الليبي المعقد الذي تتربع عليه حكومة معينة دوليا من الغرب تأخذ من طرابلس مقرا لها وحكومة الشرق تحت إمرة رجل الحرب خليفة حفتر الذي خذله القذافي بعد إلقاء القبض عليه في تشاد، وهاجر بعدها حفتر إلى الولايات المتحدة الأمريكية ولم يعد إلى ليبيا إلا بعد اندلاع الثورة ونصب نفسه قائدا عاما للجيش، ربما يوحي ذلك بإيجاد عداوة بينه وبين سيف الإسلام، وسندرك قريبا إذا كان حفتر يناصر القذافي أم أنه يناصر الثورة، وهل سيحاول سيف الإسلام أن ينتقم لوالده ويواجه جيش حفتر باعتباره قوة مسلحة خرجت ضد القذافي؟ وقتها ستكون ليبيا في حالة فوضى كبرى، ولكن السيناريو المرجح هو أن يتجه سيف الإسلام إلى التحالفات خاصة مع حفتر حيث إن الداعم الدولي لكليهما واحد وقد يكون الداعمين الإقليميين كذلك.
وظهور سيف الإسلام هو المضحك المبكي في الساحة السياسية الليبية، فالرجل يسيء للثورة ويريد أن يترشح للانتخابات ليصوت له جموع الشعب الليبي الذي ثار ضد أباه وحكمه وتسلط أبنائه.
وقديما قال أحمد شوقي:
ما كان في ماضي الزَّمانِ مُحَرَّمًا
لِلنَّاسِ في هذا الزَّمَانِ مُبَاحُ
صاغوا نُعُوتَ فضائلٍ لِعُيُوبِهِمْ
فَتَعَذَّرَ التَّمْيِيزُ والإِصلاَحُ
فالفَتْكُ فَنٌّ وَالخِداعُ سياسَةٌ
وغِنَى اللُّصُوصِ بَرَاعةٌ ونجاحُ
والعُرْيُ ظُرْفٌ والفسادُ تَمَدُّنٌ
والكِذبُ لُطْفٌ وَالرِّيَاءُ صَلاَحُ.