مابين خطاب “وثبة البشير” و “مبادرة حمدوك” | مقال

بقلم: حسام الدين كرنديس
مصير مجهول ينتظر الشعب الأكثر صبر (الشعب السوداني) المغلوب على أمره، بعد انتظار دام لأكثر من ثلاثين عام بين العشم في الحكومات الفاشلة الإسلامية واليسارية العسكرية والمدنية آخرها حكومة المتأسلمين التي حطمت ودمرت كل المرافق العامة المؤسسات الحكومية والخاصة وشمل التدمير كل القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية.

لم تنج من الدمار حتى دور العبادة والأئمة والدعاة التي ظلت تسيرها وتقيدها حكومات البشير بخطوط ومسارات معينة إلى آخرها قبل سقوط نظام البشير بساعات عندما حلل له أئمة السلطان إبادة ثلث الشعب ووقفوا صامتين عندما كانت كتائب البشير الجهادية تقمع المواطنين وتنتهك حرمات البيوت هكذا حكم المتأسلمون الشعب الصبور.

كان البشير متشبثا وممسكا بالسلطة وكرسي الحكم وباطشا كل من يقترب منه حتى إخوانه الإسلاميين لم ينجوا من لدغاته ولسعاته كانت أولها المفاضلة عندما غدر التلميذ بأستاذه و (تغدى به قبل أن يتعشى به الأستاذ) واستعان البشير بالتلميذ الآخر للأستاذ الترابي على عثمان وعينه نائبا له واستغنى عنه بعد عدة سنوات عندما تعارضت المصالح ولعب البشير بكل المتعشمين بالسلطة من الإسلاميين والقوى السياسية الأخرى، واصل البشير في تعشيمه لشعبه (مخدره) ببسط الأمن وبشريات السلام التي لم تحل حتى الحين ولاعبا بأحلام البسطاء الذين لا يتعدى حلمهم غير الأساسيات من الاحتياجات الحياتية عجز البشير عن إنجاز جميع الملفات وشهد عصره تخبط في العلاقات الخارجية وتدهورها مع دول الجوار وظل متلاعب بكل من حوله، يطرح (بشه) يوميا عدد من الحلول الفاشلة والمبادرات وعدد من الأكذوبات التي لا يصدقها نفسه .

سقط البشير والإسلاميون معا واستبشر الشعب بمن بعده دخل حمدوك القصر الرئاسي والأحزاب اليسارية التي واصلت في نهج من سبقوها ليطرحوا يوميا عددا من الخطط والحلول الفاشلة أيضا متعللين ومتحججين بدمار (الكيزان) لهذه الدولة واقتصادها ومرافقها متناسين ضعفهم وعدم قدرتهم على إدارة الدولة وحتى محاسبة من سبقوهم بالحكم، واصل الشعب في صبره الأيوبي ما بين مخدوع بالشهادات الأجنبية ومكابر بفشل الحكومات الحمدوكية ومكايد للإسلاميين (الكيزان) حمدوك وحكومته الانتقالية واصلوا على خطي البشير وجاؤوا دون خطة لإدارة الدولة مندهشين بكرسي السلطة عجزوا عن وضع خطة مما أدى لإنجاح خطة تدمير السودان وتشريد أهله ووضوح خطة تقسيمه.

عندما يصبح كل صباح حكومة وتشكيل وزاري جديد وعدد من المبادرات والخطط الفاشلة يطل حمدوك مثل طابور الصباح المدرسي: (أيها الشعب الصابر الصامد، المجد والخلود للشهداء) ليخلد بعدها في نومه حمدوك أدار الدولة بنفس نهج من سبقوه لم ينفذ شعار الثورة غير الحرية المفرطة التي تعدت مفهومها وحدودها لتصبح فوضى أما السلام فعليه السلام تضمن بنود هشه تعطي فئة معينة عدد من الامتيازات وتتناسى الآخرين أين العدالة التي جئتم من أجلها؟

مؤخرا اكتشف حمدوك الذرة وطرح مبادرة جديدة بعد أن فشل في كل الاتجاهات الاقتصادية والسياسية فشل في توفير السلع الأساسية وضبط الأسواق وتوفير العملة الصعبة وتوفير الأدوية والخدمات الطبية وأصبحت تباع الأدوية بالسوق السوداء وتجار الشنطة، فشل في توفير الوقود الذي أصبح سعره أكثر من مائتين في المئة ويزداد سعره كل يوم وانعدام الغاز بكل أنواعه وانهيار العملة وفشلوا في توفير التيار الكهربائي وحتى الإمداد المائي وانتهكت حرية الصحافة وأغلقت الصحف الإلكترونية واعتقل مراسل قناة بطريقة وحشية، فشلت حكومات حمدوك والعسكر الانتقامية في كل الملفات حتى الملف الأمني انعدم الأمن في كل أنحاء البلاد حتى على بعد أمتار من القصر الرئاسي والقيادة العامة ومراكز الشرطة والمناطق الأمنية وقف العسكر مكتوفي الأيدي متفرجين على فشل المدنيين كأنهم لم يكونوا شركاء في الحكم، جاء مضمون مبادرة حمدوك (شخبط شخابيط لخبط لخابيط ) وعلى أرض الواقع لم تظهر أي مبادرة.

وجه الشبه بين خطاب وثبة البشير ومبادرة حمدوك أن الاثنين لم يطبقا على أرض الواقع ولم يستفد منهما المواطن وكانا وعدان لم يتجاوزا الحبر المكتوب بهما. يبقى السؤال الذي يطرح نفسه هل عرف حمدوك سبب خروج الشعب السوداني وإسقاط البشير ونظامه؟ هل (لأن البشير كان معيشهم في رخاء ورفاهية فمل الشعب من الطمأنينة؟) هل كان الشعب مرتاح البال فسئم من الراحة؟ لماذا أتى بك الشعب يا حمدوووووك؟!