ماركو زينارو : القصة المثيرة لمليونير إيطالي مسجون في السودان

تقرير خاص لموقع “أوبن سودان” – الخرطوم

ينشغل الرأي العام في إيطاليا هذه الأيام بقضية رجل أعمال إيطالي معروف محتجز في السودان. ويتعلّق الأمر بـ ” ماركو زينارو” وهو رجل أعمال في السادسة والأربعين من عمره، من مدينة فينيسا “البندقية” الإيطالية.

وفي تفاصيل القضية التي تابعها موقع “اوبن سودان” أن رجل الأعمال الإيطالي الذي يدير شركة ” Zennaro Electric Constructions ” المتخصصة في الأنظمة الكهربائية كان قد تعاقد مع شركة سودانية تعمل في مجال المحولات والمعدات الكهربائية “شركة جلّابي” لتوريد محولات كهربائية لهذه الشركة، تقوم بدورها ببيعها للشركة السودانية لتوزيع الكهرباء. ووصلت المحولات الإيطالية إلى السودان، لكن صاحب الشركة السودانية أخبر”زينارو” أن المحولات ليست مطابقة للمواصفات المطلوبة، بعد أن تم فحصها في السودان (يقول زينارو إن الفحص غير عادل لأنه أجري بواسطة جهات منافسة لشركته).

 كانت قيمة العقد مليونا و156 ألف يورو، وطلب صاحب الشركة السودانية من زينارو الحضور للسودان للتوصل إلى تسوية للموضوع واستعادة الأموال، وأخبر زينارو أنهم يدينون لشركات وأفراد آخرين بهذه الأموال.

ماركو زينارو

  • ماركو زينارو

 كان زينارو معتادا على زيارة السودان منذ سنوات ضمن أعماله التجارية في مجال الكهرباء، حيث تعمل شركتهم في السودان منذ 25 عاما. وافق رجل الأعمال على الحضور إلى الخرطوم، (يقول مقربون منه إن الشركة السودانية أغرته بتوقيع صفقة أخرى لدفعه للحضور). وفي بداية أبريل الماضي وصل زينارو بالفعل إلى السودان، حيث التقى بمدير الشركة السودانية. وبحسب مصادر إيطالية تحدثت لموقع “اوبن سودان” فإن زينارو دفع لمدير الشركة السودانية 400 ألف يورو ضمن اتفاق تسوية، وكان على وشك مغادرة الخرطوم، حينما قبضت عليه قوة أمنية، واقتادته إلى قسم الشرطة بالخرطوم، بناء على بلاغ من الشركة السودانية.

ظل زينارو محتجزا في زنزانة قسم الشرطة بالخرطوم منذ الأول من أبريل، وتقول أسرته أن ظروف الحجز في الزنزانة كانت قاسية جدا. وبعد أن علمت السفارة الإيطالية بالقضية بدأت اتصالاتها ومساعيها للإفراج عنه، حتى نجحت في ذلك في الثلاثين من مايو، بعد حوالي شهر قضاه زينارو في زنزانة قسم الشرطة.

بعد أن تم أطلق سراحه، سرعان ما تم اعتقال ماركو زينارو مرة أخرى ببلاغ جديد من شركة سودانية ثانية “شركة شيخ الدين”،  وهذه المرة نجحت السفارة الإيطالية في نقله من زنزانة قسم الشرطة إلى السجن في أمدرمان، (حيث يحتجز المحكومون بقضايا الشيكات في ظروف احتجاز أفضل) . وتقول السفارة الإيطالية إن مندوبيها زاروا زينارو أكثر من 60 مرة خلال شهرين من فترة احتجازه المستمرة حتى الآن.

وخلال هذه الفترة، نظمت عائلة وأصدقاء ماركو زينارو احتجاجات في موطنه، مدينة البندقية، مطالبين الحكومة الإيطالية بالتدخل لإطلاق سراحه من السودان. وسار المحتجون في قوارب عبرت الممرات المائية للمدينة الجميلة، في مظاهرة فريدة من نوعها.

  • مظاهرة مائية في البندقية تطالب بالإفراج عن ماركو زينارو

وبالفعل تحركت الحكومة الإيطالية، وأرسلت “لويجي فيجنالي” وهو مسئول في وزارة الخارجية الإيطالية يدير شئون الإيطاليين في الخارج. وصل فيجنالي إلى الخرطوم وزار زينارو في سجنه. وتواصل السفير الإيطالي بالسودان جانلويجي فاسالو مع مسئولين سودانيين لحل القضية، كما تلقت السفارة السودانية في روما طلبات مماثلة بخصوص القضية.

وأجرى بطريرك البندقية فرانشيسكو موراجليا اتصالات مع الممثل البابوي في السودان وإريتريا ، لوس ميغيل موروز كاردابا حول قضية زينارو، وأقاموا صلوات من أجله.

تقول الأطراف الإيطالية إن ماركو زينارو لأذنب له، وأن المحولات الكهربائية التي وردتها شركته مطابقة للمواصفات، وأن عدم مطابقتها للمواصفات أمر لم يتم إثباته من طرف محايد.

واتخذت القضية منحى جديدا، حيث قالت تقارير صحفية إيطالية إن مدير الشركة السودانية الأولى  قد “توفي”، بينما صرّح ألفيس زينارو وهو شقيق ماركو المسجون، بأن شقيقه اعتقل في المطار بعد أن دفع 400 ألف يورو لمدير الشركة السودانية “المتوفي”، الذي اقترض أموال المحولات الكهربائية موضوع القضية من شخص يدعى “عبد الله” وهو شخص وصفه زينارو بأنه “مقرّب من الفريق أول محمد حمدان دقلو” ، بحسب أقواله للصحافة الإيطالية.

قضية اعتقال ماركو زينارو سَلَّطْت الأضواء على نظام السجون والحراسات السوداني، حيث سردت عائلة زينارو للرأي العام والصحافة الإيطالية تفاصيل ظروف احتجازه داخل زنزانة قسم الشرطة، والسجن، ورسمت صورة قاتمة لهذه الأوضاع.

يقول ألفيس زينارو إن ظروف احتجاز شقيقه مايكل “تقشعر لها الأبدان” ويضيف قائلا: “إنه في زنزانة كبيرة بها ثلاثون شخصًا. لا توجد أسرة ولا كرسي، وعليه أن ينام على الأرض، ويوجد حمام واحد فقط، وللاغتسال فيه يستخدمون الدلاء، وتبلغ درجة الحرارة في تلك الزنزانة  45 درجة ، وتكون الحرارة جحيما. لايوجد وقت للتمشية أو التهوية، وإذا أراد المشي ، يمكنه فقط القيام بذلك في تلك الزنزانة ، وبالنظر إلى الحشود الموجودة فيها ، فإنه يسير بضع خطوات فقط. لديه آلام في الظهر والرقبة والساق. تدابير مكافحة كوفيد غير موجودة في الزنزانة، وقد أصيب بالحمى  ليومين و حاولنا نقله إلى المستشفى لكنهم أبقوه في الزنزانة و لحسن الحظ مرت الحمى”. ويضيف: ” على الرغم من أنه لاعب رجبي سابق. لديه آلام في كل مكان ، لم يعد يمشي بشكل جيد”.

وفي مقابلة معه بعد نقله إلى سجنه الجديد في أمدرمان، يقول ماركو زينارو: “لقد طُلب مني ركوب شاحنة صفيح مع 40 شخصًا آخر في رحلة تستغرق ساعة ونصف في حركة المرور في الخرطوم”.

ولا يزال ماركو زينارو يقبع في السجن بمدينة أمدرمان حتى الآن.