جدلية الجينز والجبة

بقلم: د.محمد إبراهيم جلي

المتأمل بموضوعية في الشأن السوداني يجد إنه ليس بالإمكان أفضل مما كان في ظل معطياتنا الثقافية وتوهان مواردنا البشرية. فالكادر المؤهل هو المنية وفيه عن البقية غنية، فلا تايوان وسنغافورة تملك غيره ولا اليابان.
صرنا الأتعس لأننا نريد أن نحقق الرفاهية الاسكندنافية وديمقراطية ويستمنستر بمنهج الدراويش.
* فتارة يكون الخطاب: إن العبرة بالسعادة وهي الغاية التي يمكن تحقيقها بوسائل من بيئتنا؛ إذ لا حاجة لنا في قمح الخواجة ولا (بيتزاه)،
فمسلك (أهل القوم) يكفينا،
لنلبس (المرقع) ونقرع الطبول ونعمل مبدأ (الحالة واحدة)،
وعند بذر الحب ورميه نقول: “بسم الله للغاشي والماشي”.
وإذا انقضى الخريف سوف يأتينا (الدرت) بالذرة من القضارف،
واللولبيا من الجزيرة،
ومن ضفاف النيل (الويكة)
فنذبح الأغنام الحمرية وننحر الإبل الكباشية
وفي (المسيد) نقطع العصيدة في ألف صحن وعلى شبع نترنم:
سيد القوم جادالله
الخاتي اللوم جاد الله
ونغرق في الروحانيات،  فنشوة الدرويش  و(ترجمته) لا يعرفها راقص (البالية) ولا يمكن الوصل إليها في حلبة (السامبا) ولا (الرمبا).
* وفي تارة أخرى يخرج علينا الساسة بخطاب استبدال (الجبة) ب(الجينز) وهجر (اللالوب) بالنفخ في ال(ساكسفون)،
تطبيق سيداو، واعتناق العلمانية،
وإعمال مبدأ (حقي وحقك)،
وغض الطرف عن منهج الزلزلة والبروج – حتى تصبح أم درمان هوليود النيلين، وننصب منصة (الهايدبارك) في حديقة الأزهري وتكون السعادة في تقديس الحريات، التي تنسل لنا الخلاسي (أبو حنفي).
والآن وقد اينعت السنابل جاءتها الحراس ملثمة ب(الكدمول) لعلها تصمد أمام أسراب الجراد وتحقق رجاء أم هدهدت طفلها ب:
(يا اب شرا من الشرا)
واقعنا حير حتى زعيم الماسون الذي أراد اضلالنا فاصابه الدوار ؛ ف(الكنداكة) التي تتحدث عن صراع الطبقات وإنتهازية  الطفيلين، هي نفسها من يدافع عن الخصخصة ورفع الدعم، و(القومجي) يقود حملة التطبيع – وأما عن حال (الشفت) فلا تسأل .. فهو الآن يتقلد مسبحة وعلى كتفيه تتهدل (تفة) الدرويش من رأس حلق في ملكوت (البنقو)، تأبط جيتاره وداعب أوتاره  – وعند خروج النغم المخنوق، يغمض عينيه ويقبل بوجهه إلى السماء منشدا في  (سيستم ناصل):
نحنا السقينا النيل من دمنا الفاير.