هذا أو الجحيم !

 

أبوبكر محمد يوسف

هذا أو الجحيم !

بقلم: د. أبوبكر محمد يوسف

– يقول رئيس الوزراء البريطاني الأشهر تشرشل ركبت سيارة الأُجرة ذات يوم متجها إلى مكتب ال BBC لإجراء مقابلة وعندما وصلت طلبت من السائق أن ينتظرني أربعين دقيقة إلى أن أعود!

لكن السائق اعتذر وقال لي لا أستطيع حيثُ علي الذهاب إلى البيت لكي أستمع إلي خطاب ونستون تشرشل.

يقول تشرشل لقد ذهلت وفرحت من شوق هذا الرجل ليستمع لحديثي! فأخرجت عشرة جنيهات وأعطيتها له دون أن أفصح له عمن أكون وعندما رأي المبلغ قال لي: سأنتظرك ساعات حتى تعود يا سيدي وليذهب تشرشل إلى الجحيم!

رغم تباين الثقافات وتباعد المسافات إلا أن القصة تصلح تماما للاستدلال على أهمية الاقتصاد وبأنه مقدم على السياسة وتنظيرات الساسة والمثقفاتية، ولا شيء يعلو علي قفة الملاح وقوت العيال.

لا أعتقد أن هنالك موضوع الآن يشغل الناس في منتدياتهم ودواوينهم وسرادق عزاءهم كموضوع الغلاء فالصورة السوداوية والمأسوية للحال الذي آل إليه الناس من الخطورة بمكان وتكمن عواقبها في الانزلاق بالاقتصاد إلى الانهيار التام والذي يهدد بالانفجار الشامل مما يصعب تدارك نتائجه ولملمة خسائره.

قد يقول قائل وهو صادق إن الأمر تركة ثقيلة من العهد السابق وهو نتاج سياسات سابقة تسببت في هذه الأوضاع الكارثية أي نعم، ولكن ما لا يفهم إطلاقا عدم وضع هذا الأمر في سلم الأولويات العاجلة والملحة والتي لا تحتمل التأخير والتسويف!

كنت أحسب أن حكومة السيد حمدوك ستؤجل أي قضية حتى تنجز شيئا ملموسا فيما يخص معاش الناس وقفة ملاحهم، ولكن للأسف اتجهت إلى فتح الكثير من الملفات والقضايا الخلافية والتي كان من الممكن أن تؤجل إلى ما بعد الانتخابات، فقضايا كقضية اتفاقية سيداو والمحكمة الجنائية وقوانين الأحوال الشخصية ماذا تعني للإنسان الجائع العاجز عن توفير لقمة عيشه وجرعة دواءه!

على الحكومة تدارك الأمر واستشعار الخطر والإحساس بالمواطنين وأوجاعهم وتقديم قضية معاشهم علي ما سواها وإلا فسيستدعي الناس مقولة سائق التاكسي الإنجليزي وسيكون لسان حالهم لا محالة  فليذهب حمدوك إلى الجحيم!

د. أبو بكر محمد يوسف

alfaroug20@hotmail. com