“خالد سلك” يكتب عن محمود عبد العزيز : كان قبساً من حياةٍ في زمان كالح

بقلم: خالد عمر يوسف
كان محمودُ قبساً من حياةٍ في زمان كالح .. يحفظ له جيلنا وصلاً من وداد حفظه عن ظهر قلب .. مثّل حينها إمكان أن تتمرد على قيدٍ ظن البعض ألا فكاك منه .. صوته كان رفيق الأمسيات .. استكشاف الحياة في بواكيرها نصراً وهزيمة .. محمود كان ظاهرة زمان مضى وأزمنةٍ ستأتي .. طبت حياً ومفارقاً دنيانا يا “الطيب” .. كنا ندخرك لزمان أجمل .. رحلت مخلفاً طيبك في كل مكان، وبقينا ننعم بما خلفت، شاكرين ومقدرين وممتنين للأقدار التي جعلتنا شهوداً على زمان محمود.
في مدني كان مسرح الجزيرة مكاناً للقاء .. كانت العصبة حينها تظن بأنها قد أغلقت ب”الضبة والمفتاح” على القلوب والعقول، وكان محمود هنالك يخبرنا ونحن في نضارة العمر بأن هذه الأرض لنا وأن عليها ما يستحق الحياة .. مضى وبقي من روحه الكثير .. يربطنا بجوبا البعيدة وبغزال القوز وب”أنا القصة يا أم درمان” وبالحليوة البسامة، ولبلادنا قصص لا يمل ذو قلب سماعها.
كتاب ذكريات محمود ممتدٌ لا حدود له .. عصريات المكتبة القبطية .. نادي التنس .. كازينو النيل الأزرق.. نادي الضباط .. وكافتيريا هالة في مدني ذات “راس سنة” .. كتاب ذكريات محمود لا أسطرة فيه فهو إنسان على طريقته .. عادي يخطيء ويصيب .. يعلو ويهبط .. يخرق القواعد دون مبالغة .. يحلق عالياً لنرفع رؤوسنا صوب شاهق النُجُم ونعلم بأن هنالك دوماً جديد .. يجدد محمود ذات النص واللحن كما يحلو له، ولن تستطيع تتبعه فخياله نسيج وحده، وهو نسيج وحده.
طبت حياً بجسدك وحياً بما تركته .. سنذكرك طويلاً .. ارقد بسلام ولك منا أجزل السلام والمحبة.