العيد الوطني 53 لسلطنة عمان: كلمة السفير علي بن سليمان الدرمكي
![](https://opensudan.net/wp-content/uploads/2023/11/IMG-20231118-WA0000.jpg)
كلمة سعادة علي بن سليمان الدرمكي سفير سلطنة عمان المعتمد لدى جمهورية السودان بمناسبة العيد الوطني 53 المجيد لسلطنة عمان :
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يسرنا الترحيب بكم والإعراب عن تقديرنا البالغ لكم جميعا.
لقد دأبت بلادي سلطنة عُمان على الاحتفاء بعيدها الوطني عاما بعد عام، استحضارًا للماضي، ومعايشةً للحاضر واستلهامًا للمستقبل، وحشدا للهمم وتخليدا للقيم، وتجديدا للعمل الوطني في مختلف الميادين والمسارات، إنها حقا لذكرى خالدة لنهضة عُمان الحديثة والمتجددة التي بها العزائم تشتد، والسواعد تمتد نحو تحقيق مزيد من الإنجاز والتطوير.
لا تفوتنا فرصة الكتابة هذا اليوم حتى نؤكد على موقف سلطنة عمان الثابت في دعم الحق المشروع للشعب الفلسطيني في الحرية والكرامة وتقرير المصير، إن ما يتعرض له قطاع غزة من عدوان إسرائيلي غاشم وعشوائي، ووقوع آلاف الضحايا الأبرياء، والدمار الواسع للبنى الأساسية والمنشآت الخدمية والإنسانية والمساكن، ونزوح مئات الآلاف من مناطق نشأتهم، وفقدانهم لأحبائهم وأقربائهم، قد تجاوز بشكل سافر وصارخ كل المبررات والذرائع والأخلاق والقيم الإنسانية.
إن الجميع مطالب اليوم بوقفة صدق مع ضميره الإنساني والعمل بكل ما بمقدوره لإيقاف فوري لهذه الحرب العبثية، وفتح الممرات الآمنة لدخول المساعدات الإغاثية لقطاع غزة، وتكثيف العمل السياسي في مناشدة المجتمع الدولي القيام بواجبه الأخلاقي والقانوني.
لقد أثبت التاريخ باستحالة وجود حل عسكري للقضية الفلسطينية، فالحل الوحيد يكمن في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي غير المشروع للأراضي في فلسطين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 4 يونيو 1967م، وبعاصمتها القدس الشرقية تطبيقا للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة في هذا الشأن، وإرساءً لحل الدولتين كما نصت كذلك مبادرة السلام العربية.
إننا في سلطنة عمان نؤكد سعينا الدائم بكل طاقاتنا وإمكانياتنا للإسهام في خدمة قضايا الأمن والسلام على المستويات الإقليمية والدولية كافة، مؤمنين بأننا جزء من هذا العالم المترابط، نتشارك مع شعوبه في المصالح والمصير، وعليه فإن الوقوف إلى جانب القضية الفلسطينية العادلة قد أصبح فرض عين على كلّ ذي ضمير حي في عالمنا المعاصر.
ان سلطنة عمان وجمهورية السودان ترتبطان بعلاقات ودية وأخوية مبنية على الاحترام المتبادل منذ عقود ،و يرتبط البلدان بالعديد من الاتفاقات ومذكرات التفاهم في مجالاتها الاقتصادية والتجارية المختلفة فضلا عن اللجان المشتركة ذات الصلة بالتشاور السياسي والتعاون التجاري والاقتصادي والاستثماري ومن بينها لجنة التشاور السياسي ومجلس رجال الاعمال السوداني العماني، واتفاقية تشجيع وحماية الاستثمار، واتفاقية تجنب الازدواج الضريبي والضرائب على الدخل، وخدمات النقل الجوي، وتعاون في مجال الزراعة والثروة الحيوانية وفي المجال الصحي وهذه الاتفاقات ومذكرات التفاهم تهدف جميعها الى خلق أجواء مناسبة لاستثمارات حقيقية وتبادل تجاري بين البلدين ينعكس إيجابا على العلاقات الثنائية ويخلق فرصا ومنافع مشتركة، ونعول كثيرا على نتائج الملتقيات التي تعقد بين رجال الأعمال العمانيين و السودانيين لترجمة بنود تلك الاتفاقات وبما يعزز من حجم التبادل التجاري بين البلدين. ونتطلع بثقة الى ان يُسهم رجال الاعمال في البلدين في تعزيز التعاون الاقتصادي ورفع حجم التبادل التجاري بين البلدين بما ينسجم مع العلاقات الثنائية التي تربطهما.
لقد تم إعداد رؤية عمان 2040 لتكون دليلا ومرجعًا أساسيًا للعمل التخطيطي خلال الفترة (2021-2040)، مع مراعاة استيعابها للواقع الاقتصادي والاجتماعي واستشرافها للمستقبل بموضوعية، وقدرتها على مواكبة المتغيرات المحلية والإقليمية والعالمية، حيث تهدف الرؤية إلى الوصول بعمان إلى مصاف الدول المتقدمة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وفي مجال الحوكمة والتطوير المؤسسي.
و تتضمن الرؤية أربعة محاور رئيسية يضم كل محور من هذه المحاور عددا من الأولويات الوطنية، إذ شمل محور الإنسان والمجتمع 4 أولويات تمثلت في التعليم والبحث العلمي والقدرات الوطنية، والصحة، والمواطنة والهوية والتراث والثقافة الوطنية، والرفاه والحماية الاجتماعية. وجاء محور الاقتصاد والتنمية ليضم 5 أولويات شملت التنويع الاقتصادي والاستدامة المالية، القيادة والإدارة الاقتصادية، وسوق العمل والتشغيل، والقطاع الخاص والاستثمار والتعاون الدولي، وتنمية المحافظات والمدن المستدامة. وضم محور الحوكمة والأداء المؤسسي محورين هما حوكمة الجهاز الإداري للدولة، التشريع والقضاء والرقابة. بينما تضمن محور البيئة والاستدامة على أولوية واحدة هي البيئة والموارد الطبيعية والموارد والمشاريع.
إضافة إلى ذلك، تقود سلطنة عُمان استراتيجية وطنية للحياد الصفري الكربوني والتحول في الطاقة، حيث نظمت الجهود بداية من خلال مختبر إدارة الكربون بالتعاون والشراكة مع عدد من الجهات الحكومية والخاصة ذات العلاقة، والذي توّجته التوجيهات السامية لجلالة السلطان المعظم سلطان عُمان بإنشاء مركز عُمان للاستدامة واعتماد عام 2050 لتحقيق الحياد الصفري الكربوني.
إنّ سلطنة عُمان تسعى إلى تبوء موقع ريادي بين الدول المنتجة للهيدروجين الأخضر على مستوى العالم، اعتماداً على توفر المقومات الرئيسية لإنتاجه والمتمثلة في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والأراضي الممتدة والكوادر البشرية. كما أن خبرة سلطنة عُمان في إنتاج الطاقة وتصديرها وموقعها في الأسواق وطرق التجارة العالمية يساهم بأن تكون رائدة في هذا المجال، ناهيك عن العلاقات الدولية التي تتمتع بها حول العالم وبما يسهم في تعزيز التعاون والشراكة مع الدول الشقيقة والصديقة في إنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر.
لقد تمكنت سلطنة عُمان من اتخاذ خطوات أساسية مهمة لتسريع إجراءات تنظيم قطاع الهيدروجين، ووضع الأطر القانونية والسياسات اللازمة لنموه، وتخصيص المواقع المناسبة لإنتاجه تعزيزا لجذب الاستثمارات والعمل على توطين هذه التقنية وإعداد الدراسات اللازمة لها، وذلك مواكبة للتحولات العالمية نحو الحد من انبعاثات الكربون، ولما للهيدروجين من استخدامات واسعة تساهم في تنويع مصادر الطاقة وخفض الانبعاثات الكربونية وتعزيز النمو الاقتصادي.
كما أطلقت سلطنة عُمان الفرص والحوافز الموجهة للاستثمار في قطاع الهيدروجين، حيث تم تخصيص مساحة تزيد عن 50,000 كم مربع، لمشاريع الهيدروجين الأخضر تطرح على مراحل، كما أن خططنا الطموحة تستهدف إلى إنتاج أكثر من مليون طن من الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2030م، وصولا إلى استغلال 30% من الأراضي المخصصة حاليا في عام 2050 لإنتاج ما يقارب 8 ملايين طن.
في الختام، لا يسعني إلا أن أكرر شكري لكم ، وكل عام والجميع بخير،،
والسلام
عليكم ورحمة الله وبركاته.