ما بين الثلاثين من يونيو والفشقة

ما بين الثلاثين من يونيو والفشقة

• بقلم: هبة زمراوي

• عندما خرج الشعب السوداني قبل عامين بتاريخ 30يونيو 2019م، لم يكن الانترنت متوفر فقد تم قطعه في الدقائق الأولى لجريمة فض الاعتصام الذى تم في أول الشهر نفسه، حتى يصعب التنسيق ما بين الثوار والي أن يتم إخفاء ما يمكن إخفائه من دلائل تدين من قام بهذة الفعلة الشنيعة، ولكن قوة الإرادة والعزيمة والإصرار لدى الشعب السوداني عالية جداً فقد خرج الشعب السوداني من كل فج عظيم في موكب مهيب أجبر قادة الانقلاب العسكري علي التنازل وخوض مفاوضات مع الأحزاب السياسية والتي انتهت بحكومة مدنية عسكرية.

وإيمانا بذكرى هذا الموكب العظيم يستعد السودانيين مرة أخرى للخروج للشارع متسلحين بالهتافات والشعارات المطالبة بتنحى الإنقلاب العسكري الذي فرضه الجيش مرة اخرى في الخامس والعشرين من إكتوبر من العام المنصرم، والمطالبة بتحقيق ما بدأته الثورة في ظل أوضاع إقتصادية وأمنية متردية، وأنباء عن قفل الطرق والجسور وقطع خدمة الإنترنت مرة اخرى دون العظة مما سبق فهذة الطرق لم تعد قادرة على تخويف الشارع وتراجعه عن مطالبه المشروعة فكان من الافضل للمجلس العسكري البحث عن طرق بديلة.

ولكن هناك خط سير واحد دائما للحكومة الإنقلابية وهو كلما واجهت مشكلة حقيقية أو خوف من الشارع خلقت مشاكل أخرى إما لتشتيت إنتباه الشارع أو محاولة جذب الشارع بالالتفاف حولها والتي غالباً ما تكون مشاكل أمنية، فإذا أخذنا أن مقتل جنود سودانيين في الفشقة من قبل مليشيا أثيوبية لم يكن حادثاً مدبرا من قبل الحكومة بإعتبار أن المجلس العسكري أغلبه ضباط جيش ولا يمكن أن يصل بهم الأمر أن يضحوا بجنود من المؤسسة نفسها فعقيدتهم العسكرية يفترض أن لا تسمح لهم بمثل هذا العمل، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو لماذا تقوم مليشيا أثيوبية بهذا العمل الشنيع؟ قد تكون الإجابة أن هناك جهة ثالثة لها مصلحة من تمرد هذة المليشيا ضد أثيوبيا وتوتر العلاقات بين السودان وأثيوبيا وتظل هذة الفرضية مجرد إحتمال، والمؤكد أن دفع ثمن هذا المخطط سبع جنود ومواطن ليس بغاليين علي ربهم ولكن غاليين علي وطنهم.

وبعض من مثيري الفتن يحاولون تصور المعركة علي أنها عداء بين الجيش والثوار وبوجه خاص الذين ربط الاعتداء على الفشقة والثوار بأن لهم داعم خارجي واحد ولكن لن تنجح محاولتهم،فالجهة التي يتهمها الثوار بأن لها يد في أحداث الفشقة الأخيرة هي عدو الثورة السودانية الأول، كمان أن إختلاف الثوار مع طريقة تكوين الجيش وقادته لا يعني رفضهم لوجود جيش للسودان أو مؤسسة عسكرية قادرة علي حماية الوطن والمواطن دون تمييز بينهم، جيش لا تكسره مليشيا ولا يفرض عليه صاحب نفوذ قراره، يؤدي جنوده واجبهم المنصوص عليه والذى بموجبه يأخذون أجرهم، وعلي الجيش ان يعى أن الشعب السوداني لا يزال ينتظر منه الكثير وأن ينصر نفسه وينتصر لهم، والعزة للسودان وشعبه وقواته الوطنية التي سوف تكسر حاجز التسلط عليها ف(الجيش جيش السودان).

وتظل الفشقة سودانية كما حلايب وشلاتين ولكن حل الخلافات بطرق ودية مع دول الجوار وإتباع سياسة حسن الجوار دون الإنتقاص من السيادة الوطنية هو أفضل خيار من بين الخيارات المطروحة، ونتمنى الا تنجرف العلاقات مع دول الجوار إلي ما يخدم غير الوطن .