الانتخابات الليبية المقبلة.. نعمة أم نقمة

بقلم: هبة زمراوي
لم ينتقل الليبيون إلى دولة عدالة انتقالية أو حكومة ديمقراطية، حتى بعد مقتل القذافي بعشرة أعوام، لقد ظلت ليبيا تعاني من أثر الثورة المسلحة والانقسامات الداخلية على مدار العشرة أعوام تعرض فيها الشعب الليبي للحرب والفقر وانعدم الأمن والأمان، مما جعل بعضهم يتحسر على عهد نظام القذافي المخلوع، ولكن هذا التحسر لا يصل إلى مستوى تمني العودة إلى عهد القذافي الذي يبدو أن القذافي الابن يراهن عليه في ترشحه للانتخابات المقبلة وظهور بثوب يشبه ثوب القذافي ربما لتذكير الشعب الليبي أنه قادر علي إرجاع عهد أبيه ليفرح به أنصاره ويرهب به أعدائه.
لقد ظلت ليبيا دون أحزاب طيلة عهد القذافي وكانت تعتبر الأحزاب أو الدعوة للحزب تخوين فلم يسمح بإنشاء أي أحزاب حتى وإن كانت مؤيدة للرئيس، كذلك لم تجرى في ليبيا أي انتخابات ما يزيد عن نصف قرن، فهذه العوامل ساهمت بشكل كبير في إفقار المجتمع الليبي من الحياة السياسية، أما بعد ثورة فبراير2011م، تكون أكثر من سبعون حزب، اختفت غالبية الأحزاب من الساحة السياسية بعد فترة وجيزة من تكوينها في حالة أشبه بركوب الموجة السياسية ومواكبة أوضاع البلاد.
والآن وبعد المرور بعدد ليس بقليل من الحروب الداخلية التي امتدت لحوالي عشرة أعوام، والعديد من المفاوضات الداخلية والدولية وتكوين حكومات نتيجة للاتفاقات بين الفرقاء ومرور هذه الحكومات بكثير من العوائق، وصلت ليبيا أخيراً لمرحلة الترشح للانتخابات المزمع عقدها في ديسمبر القادم.
وكعادة ليبيا في مواكبة الوضع والركوب علي الأمواج فقد ترشح للإنتخابات ما يفوق الستين مرشح، ابرزهم القذافي الابن وقائد الحرب في شرق ليبيا خليفة حفتر وعقيلة صالح رئيس البرلمان في الشرق والذي كان داعما لحفتر طوال فترة الحرب، كما ترشح ايضا وزيرة الداخلية الاسبق ورئيس الحكومة الحالي عبدالحميد الدبيبة ومرشح اخر (كوميديان) أي ان أغلب الذين لهم جمهور من مختلف المكونات قد ترشحوا لهذة الانتخابات.
وقد كان من المرجح أن يشكل هؤلاء المرشحين تحالفات مع بعضهم ودعم أحدهم في الإنتخابات للوصول الي سدة الحكم، ولا سيما خليفة حفتر وعقيلة صالح الذين كانا متخالفين طوال فترة الحرب كما أن انصارهم الاثنين من الشرق الليبي مما يرجح حصولهم علي عدد أصوات أقل من المتوقع في حالة تحالفهم، أما القذافي الذي كان أيضا من المتوقع أن يدعم أحد المرشحين دون ترشيح نفسه، خاصة أنه مرفوض في غالبية ليبيا لا تريد المليشيات او الحكومة في الغرب ولا جيش خليفة حفتر في الشرق سوي القليل من أنصار أبيه السابقين وبعض الموالين له.
هذا الكم الهائل من المرشحين أصحاب الثقل السياسي والعسكري وتصلبهم علي مواقفهم من خوض غمار هذة الإنتخابات لا يبشر بالخير، فمازالت القوات العسكرية المختلفة والتي لم تدمج تحت مؤسسة واحدة الي الآن وكذلك وجود المرتزقة والجماعات الإرهابية في الداخل الليبي قد تؤدي هذة العوامل مجتمعة الي مواصلة حالة الفوضى في ليببا دون قيام والدولة خاصة أن أغلب المرشحين لهم دعم من أطراف خارجية تسعى لفوز أحد المرشحين علي الآخر، وربما نشهد في مقتبل الأيام القليلة القادمة إنسحاب بعض المرشحين لصالح اخرين مما يمكن أن يغير التوقعات المطروحة الآن.
فمن المعروف أن ليبيا التي يعاني شعبها من الفقر، غنية بالنفط وقريبة لمواقع التصدير عبر ساحلها الطويل علي البحر الأبيض المتوسط هذة الميزات تجعل ليبيا محط أنظار العالم وتكالب الدول علي خيراتها الامر الذي يجعل إستقرارها معقد.
يسعى كل مرشح لكسب السلطة السياسية في ليبيا لتحقيق مصالحه دون النظر الي المواطن الليبي الذي ظل يعاني في عهد القذافي ونظامه الشمولي وبقي علي حاله وأكثرا سوءاً بعد الثورة وعاني ما عاني من حروب لا ناقة له فيها ولا جمل، ويبقي أمله في أن تفرز هذة الإنتخابات رئيس يستطيع أن يقود ليبيا إلي بر الأمان وتوحيدها وطرد المرتزقة وتكوين مؤسسات الدولة وتمكينها من القيام بعملها وقبل ذلك تحسين معيشة المواطن وحل مشاكل السيولة.