النيجر: انقلاب عسكري أم تبادل تبعية من فرنسا إلى روسيا؟
النيجر… انقلاب عسكري أم تبادل تبعية من فرنسا إلى روسيا
مقال بقلم: هبة زمراوي
فرنسا واحدة من الدول الاستعمارية التي ما زالت تحتفظ بوجودها في الدول التي كانت تحت استعمارها في القرن الماضي في أمر أشبه بتبعية تلك الدول الأفريقية إلى فرنسا خاصة من الناحية الاقتصادية.
فرنسا لديها استثمارات وقوات عسكرية وتستورد الغالي والنفيس من هذه الدول، ولكن مؤخرا أصبحت هذه الدول الأفريقية تعلن تمردها على هذه العلاقة مع فرنسا كما حدث في مالي عندما قامت دولة مالي بطرد القوات الفرنسية (التي تعمل على مكافحة الجماعات الإرهابية التي تنشط في المنطقة خاصة داعش والتي تؤرق العالم أجمع).
قامت مالي بطر هذه القوات عقب انقلابها العسكري الأخير والاستعانة بقوات فاغنر في تأمين مناجم الذهب. لذلك يمكن القول إن ما يحدث في النيجر هو انقلاب عسكري على نظام ديمقراطي في ظاهر الأمر، في باطنه له تبعات وتفسيرات أخرى بداية من اتهام الانقلابيين لفرنسا بتخطيطهم لشن ضربات عسكرية لإعادة الرئيس المخلوع محمد بازوم والذي يعتبر حليفا لفرنسا، وإعلان وقف تصدير الذهب واليورانيوم إلى فرنسا وخروج مظاهرات رافضة لفرنسا ومؤيدة لروسيا، بالإضافة إلى تصريحات فرنسا بضرورة إعادة المسار الديمقراطي.
قد يرى مؤيدو الانقلاب أن القرارات الجريئة التي اتخذها قادة الانقلاب في مواجهة فرنسا قرارات مهمة في التخلص من شعور التبعية والاستعمار دون التفكير فيما يمكن أن تتخذه فرنسا من عقوبات يمكن أن تؤثر على المواطن النيجيري قبل قادة الانقلاب، ولكن رفض فرنسا وظهور تأييد واسع لروسيا ما هو إلا تبديل للدولة المتبعة، روسيا تريد أن تشغل فرنسا بجبهات أخرى بعيدا عن أوكرانيا وفي ذات الوقت يمكن تجد موطنا آخر لقوات فاغنر التي أعلنت في وقت سابق بأنها ستنتقل لأفريقيا وكذلك سيمنح هذا النفوذ الجديد لروسيا في أفريقيا المزيد من الذهب واليورانيوم وحرمان فرنسا من يورانيوم النيجر ستظهر نتائجه مباشرة على الاقتصاد الفرنسي خاصة في مجال إنتاج الكهرباء.
إذا كانت روسيا وراء الانقلاب علي بازوم المخلص لفرنسا فهذا يعتبر صفعة قوية لفرنسا وتهديدا لعرشها ينذر بنهاية نفوذها في أفريقيا كما يمكن أن تؤدي هذه التجاذبات من قبل فرنسا وروسيا للأطراف المختلفة في النيجر إلى جر الدولة إلى صراع مسلح مدعوم من قبل دولتين متنافستين تسعيان لتوسيع نفوذها في المنطقة دون مراعاة لحق هذه الدول في السيادة الكاملة والأمن والاستقرار مما جعل الانقلابات هي السمة الأساسية لنظام الحكم في أفريقيا وفشل كل المنظمات الأفريقية والدولية في الحد منها بسبب عدم فاعلية العقوبات التي تكسرها الدول ذات المصالح مع الانقلابيين لا سيما الصين وروسيا.