قوش.. ظالم أم مظلوم؟!
قوش ظالم ام مظلوم؟!
مقال بقلم: النذير السر
لأكثر من أسبوع، وبالرغم من حشو التايم لاين بقصص شيرين وهدى عربي وندى القلعة، إلا أن (وسم) قوش الحاذق في استخدام القوى الناعمة استطاع التحليق فوق زحام الترندات المصطنعة، هذا بالرغم من أن الفعالية التي أقيمت اليوم بمدينة مروي (الدائرة المغلقة لقوش).
ومع أن وهم الدوائر المغلقة اندثر مع فترة الحكم الطائفي، الآن قوش أعاده بقوة و(لدورتين) ممثلا بدائرة مروى بالبرلمان القومي، وبالنظر لجملة المعطيات التي جعلت الدائرة تصطف حوله لمرتين، (الشعور بتعرضه للظلم) هي ذات المعطيات التي انبعثت جنبا إلى جنب الفعاليات التي انطلقت تناصر معتقلي المؤتمر الوطني.
قلنا باكرا إن كان هنالك ثمة خطأ استراتيجي صاحب عملية التغيير المدارة من الأجهزة التنظيمية والأمنية لنظام الإنقاذ، فإنه يتمثل في (التوقيت الزماني) فالعالم يشهد مرحلة ابتدر صراعات الحتمية، ويشهد عجزا وانخفاض في فوائض الوقت والمال التي بإمكانه إنفاقها بنفاق دبلوماسي وسياسي لانتشال دولة ما من الصراع والتلاشي (سوريا، ليبيا، إثيوبيا).
المحير في الأمر، ومن خلال حوار صحفي بصحيفة الانتباهة استبق به عودته مديرا لجهاز الأمن والمخابرات، بأشهر عديدة، كشف فيه قوش عن استيعاب لكافة المتغيرات في السياسة الإقليمية والدولية ولاحقا عبر إفادة من البرلمان تحدث عن الزلزال القادم لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهو أمر يفرض الحيرة، كيف لرجل بهذه السعة الاستعابية لطبيعة للصراعات الدولية وارتداداتها على المناطق الاستراتيجية الثلاثة التي يقع فيها السودان، أن يختار لجة الزمان الاستراتيجي الهائج للتغيير الأقاليم، البحر الأحمر، شمال أفريقيا، القرن الأفريقي، إلا أن ثمة مؤشرات توحي بأن عودته الفعلية لدائرة صناعة القرار قد جاءت ذاتها بعد فوات الأوان.
بدلا من أن يتفرغ قوش لهندسة العلاقات والموقع والأدوار المرتبطة بالأهمية الجيوإستراتيجية للبلاد، وجد نفسه في (دافوري) حوش الوطني وصراعاته العبثية، فكان مصطلح القطط السمان الذي وجد طربا من الرئيس البشير، ومن غير شك أن قواعد الوطني وقياداته، فهمت أنها محاولة لتعبيد دورة رئاسية جديدة للرئيس على أجساد وسمعت جملة من القيادات، وهو الأمر الذي جعل التنظيم كله يتخندق ضد خطة قوش لإصلاح الأجهزة الحكومية والحزبية، وتم النظر لها كمحض آلية بيد البشير لسحق مناهضي ترشحه للرئاسة.
نعم بالرغم من استيعابه لمطلوبات الاندماج في النادي السياسي الجديد، ورغم إدراكه لأوراق عديدة تمكنه من المناورة وتحقيق قدر من المطلوبات الوطنية مقابل الاندراج في هذه التشكيلات الجديدة، غير أن التنظيم المنتفض على وصفه بالفساد اعتقله في قضايا اختفاء النقد والخبز وارتفاع الدولار، عام كامل مضى على قوش في إدارة جهاز الأمن والمخابرات وبفعل القوى المتخيلة عنه، بحكم تجربته السابقة، فإن خصومه وأنصاره ظلوا بعيدين عما يثير غضبه، ولكن كما قال في مؤتمر صحفي عقب مظاهر مدينة عطبرة (لتنتهي من الشر دعك في قلبه).
حتى قبل ذلك اليوم كان قوش متواجدا دخل قلوب كل مكونات الساحة السياسية والمدنية، وكان متحكما فيها وبرأي محللين، فإنه في زحمة انشغاله بترتيب الإطار الداخلي باليات المجربة وعلاقاته المرتبة، حتى ينطلق بعدها لمجابهة تحولات الخارج من منصة وطنية موحدة، تفاجأ بزيارة البشير لروسيا، وبرأي كثير من المتابعين، فإن التجاوز الذي تم للجهاز في هذه الرحلة، أحدث إرباكا شديدا، وولد حالة من الإحباط الأمر الذي جعل قيادته ترى فيها إهداراً لكل المجهودات التي بذلت خلال عام من التحديات المتصلة، وهو الأمر الذي جعل مدير المخابرات يوافق القيادة العسكرية أن لا فائدة البتة مرتجاة خصوصا بعد تراجع البشير عن إعلانه عدم الترشح للرئاسة وهو الطلب الذي جاء يحمله مساعد ترامب للخرطوم كآخر محاولة لإنقاذ السودان من طريق التغيير الثوري، وكانت واشنطن وقتها تدير حوارا إستراتيجيا مع السودان في إطار تحضيرها للحظة العالمية الحالية لحظة الصراعات الحتمية، فهل قوش ظالم أم مظلوم!؟