مقال : مبرراتُ الانقلاب وكيد الدول على الثورةِ السودانيةِ

بقلم: هبة زمراوي
– قبل ان نتحدث عن الدول راعية الدكتاتوريات ومجهضة الثورات، يجب أن ننظر الي اسباب حدوث الإنقلاب العسكري، فقد برر رئيس المجلس العسكري أن أحد أسباب الإنقلاب هو عدم توحد الجانب المدني لقوى الحرية والتغيير والتي إنقسمت الي جناح مركزي وجناح تصحيحي الذي يضم مجموعات يصح أن يقال لها (جيش كل حكومة) طالما ان هناك (كرسي)، يتحدث رئيس المجلس العسكري عن الخلاف بين القوى المدنية ولم يحدثنا يوما عن الانقلابات العسكرية الفاشلة التي تحدث كل ثلاثة شهور مرة علي الاقل، والتي لو دلت علي شيء تدل علي أن الجيش ليس علي قلب رجل واحد، كما أن هناك قوى عسكرية موازية للجيش وترفض الانضمام للجيش والتي هي أيضا من مضامين الوثيقة الدستورية علي أن يكون هناك جيش واحد للسودان، وكذلك حدثنا رئيس المجلس العسكري عن أن مشكلة الشرق هي أيضاً من الأسباب التي دعته لاتخاذ هذة الخطوة وكأننا لا ندري أن هذة الازمة مفتعلة وكان سعادته قد أرسل عضو المجلس العسكري (كباشي) للاستماع إلي مشاكل الشرق، والكثير يتسأل هل هذا الكباشي ذهب لحل المشكلة أم لدعم (ترك) .
كما أن البرهان قد سارع إلي تجميد عمل لجنة إزلة التمكين أو لجنة تفكيك نظام الثلاثون من يونيو، الشيء الذي يترك تساؤلات حول هل كان حديث إبراهيم الشيخ الذي أشعل الاسافير عن امتلاك البرهان للعديد من الشركات هل كان صحيحاً، أم ان اللجنة كانت قد (هبشت) أشخاص يهمون البرهان ويحاول أن يتستر عليهم وحمايتهم هذا الاخير، وربما كان عمل اللجنة القادم هو صندوق إعمار الشرق الذي يحمل في طياته الكثير من الفساد وقد يبدو هذا الخيار أكثر ترجيحاً عندما تشاهد هرولة(ترك) الذي طالبة بتجميد عمل اللجنة وحل الحكومة كمطالب إقليمية للشرق (الذي لا يملك أغلبيته)، دون الأخذ في الاعتبار اذا كانت الحكومة أتت عن طريق ثورة شعبية أو أن هناك توافق من غالبية أهل السودان بها، أما تجميد عمل لجنة التحقيق في فض إعتصام القيادة العامة الذي تم في زمن قيادة المجلس العسكري للبلاد دون مشاركة مدنية وأمام مكاتب الجيش الفخمة لا شيء يقال عن هذة الخطوة سوي(يعني في زول ما عارف).
صحيح أن الشراكة بين العسكر والمدنيين لم تكن مرضية للثورة والثوار ولكنها كانت خطوة لحقن الدماء، علي الرغم من تسلق الأحزاب لها إلا أن ذلك لا يبرر الإنقلاب حيث أن هذة الثورة السلمية التي أبهرت العالم بعظمتها وتطورها، لن ترضى أن تحقق أهدافها عن طريق إنقلاب عسكرى فإذا ترك حاملي السلاح هولاء الثوار الذي يتسلحون بحب الوطن والعزيمة والحرية والكرامة لكانوا حققوا مطالبهم بطريقة أكثر حداثة ولأجبروا المتسلقين من كل المكونات بالتنحي جانباً أمام أهدافهم.
ومن زاوية أخرى ربما كانت هذة الخطوة بحل الحكومة والرجوع لمربع المجلس العسكري، من صالح الثورة والثوار وتصحيح مسار الثورة بعدم الرضى بالمناصفة والشراكة مع العسكر وعدم فتح المجال مرة اخرى للمتسلقين من الأحزاب، فهذة الثورة العظيمة تحتاج لعظماء ليدرونها وبالتأكيد لن يكون هولاء من اللجنة الأمنية لنظام البشير.
اما فيما يخص الدول راعية الدكتاتورية والإنقلابات العسكرية نستطيع أن نفهم خوف هذو من الثورة السودانية، لأن الثورة معدية وهي تنتقل بسرعة كبيرة للاقاليم المجاورة والاقاليم ذات الشبه لظروف الدولة صاحبة المنشأ، فأغلب الدول التي من حولنا تهاب أن تنتقل لها عدوى الثورة السودانية العظيمة وبسلاحها (السلمية) خاصة وأن أغلبهم دول تتسلط عليها العساكر بالقوة أو حكم متوارث علي مر العصور، فنجاح الثورة في السودان يهدد عروشهم ومصالحهم، خاصة التوسعية التي لا يمكن ان تنفذها لهم حكومة ديمقراطية تدري أين تكمن مصلحة وطنها وشعبها، ولكن كلما كانت الحكومة منبوذة من الداخل وتحتاج الي تمكين يمكن للدول الراعية أن تمكنها وتمد لها يد العون شريطة أن تنفذ لها هذة الدولة كل ما تريد أي تكون تابع لها، فمؤخرا أصبح اي إنقلاب يكون قائده كانت آخر زياراته إحدى هذة الدول الراعية وأخذ التعليمات ونقل التجربة الإنقلابية الدكتاتورية إلي بلده.
رغم كل هذا الكيد ظل وسيظل الشعب السوداني ثائراً مطالباً بحقوقه المشروعة في الحكم المدني ومحافظاً علي سلميته ومعلماً للشعوب كيف تكون الثورات والتضحيات دون الخضوع والخنوع للدكتاتور وقوته وسلاحه، أنه شعب السودان الآبي.