“تجمـُّع العدمِيين السُودانيين” : 26 الف سوداني ينتظرون “النيزك” !

الخرطوم- اوبن سودان
- شعارهم “الفناء هو الحل” وايقونتهم المفضلة هي “النيزك” ..تعرّفوا على تجمـُّــع العدمِيين السُودانيين!
في الخامس والعشرين من ابريل 2019 تم انشاء صفحة تجمع العدمِيين السُودانيين على موقع فيسبوك. في ذلك الوقت كان تجمع المهنيين السودانيين- سيد الإسم- هو متصدر النقاشات والسوشال ميديا، والفيسبوك في السودان.
كانت الحكومة السابقة للسودان قد سقطت لتوها بعد نشاط ماراثوني من التظاهرات والمخططات السياسية ، التي كان محركها الشهير تجمع المهنيين السُودانيين يستعمل صفحته على فيسبوك لصنع كل ذلك السحر.
لم يكن الجميع راضين بما يحدث، بعضهم ضاق بتقلبات السياسة السودانية، وبكل ما يحدث في العالم، ورأوا ان “الفناء هو الحل” لجميع مشاكل السودان، ومشاكل البشرية ايضاًّ!
بدأت صفحة تجمع العدمِيين السُودانيين بنشر منشورات تسخر من كل شيء، مبشرة بفناء الناس، وكتبت الصفحة: “يظن البشر أنفسهم أكثر حظا من الدينصورات”.
تجمع العدميين الساخر يعلق على كل شيء في السياسة السودانية، واعلن انه تلقى دعوة من “اللمام” للإنضمام لحزب الأمة، فهو ليس اقل شأناً من الذين تلقوا مثل تلك الدعوة!. هل قبلوا الدعوة؟ يبدو ذلك مرجحاً جداً، فتجمع العدميين السودانيين، المحب للنيازك والثقوب السوداء لديه رأي واضح في الإمام، ويقولون في احد منشوراتهم : ” التاريخ السياسي للسودان يعجُ بالثقوب السوداء البشرية. و الصادق المهدي هو أكبرها وأكثرها فتكًا به”.. لكن هذا لم يمنعهم من استعارة اقواله في بعض منشوراتهم، فنجد احدها يقول : ” النيزك يمُر بمزالق مدلهمة”!
ويتابع اكثر من 26 الف شخص صفحة تجمع العدميين السودانيين، ويشاركون في منشورات الصفحة بتعليقات لا تقل سخرية عن موضوعات الصفحة، ويبدون في معظمهم راغبين في انهاء لعبة الحياة، باصطدام ملحمي لنيزك مجهول.
لم يأت النيزك بالطبع، ولكن 2020 بدت سنة متوائمة مع تطلعات العدميين لنحو بعيد، فجاء فايروس كورونا، البديل المحتمل للنيزك، فلقي كما هو متوقع ترحاباً كبيراً من تجمع العدميين، وعندما ظهرت انباء اول اصابة كورونا في السودان كتبت الصفحة : ” نحن على وشك النهايةْ ” ، واضافت في منشور اخر: ” الكورونا للشُجعان ، الجبناء تقتلهم النيازكْ”. وتصف صفحة تجمع العدميين السودانيين فايروس كورونا بأنه : “فايروس لا يري بالعين يضع تاريخ وجود ومسيرة جنس كامل في (فتيل)”.
صفحة تجمع العدميين السودانيين لاتحفل بشيء، لكنها تروج لكل ما يمثل “لا شيء”، لهذا لم يكن غريبا ان تطالع فيها منشوراً يحتفي بمعجون اسنان وصفته الصفحة بأنه “معجون العدمي العميق ، بلا روائح زكية ، أو لون ؛ أو حتى مواد حافظة ضد التسوس”.

وفي منشور آخر تروج الصفحة لسوبر ماركت الوجود والعدم “حيث لا يوجد دخل يومي لأنه لا يوجد عمال لأننا لا نمتلك بضائع ولا يهمنا أساسا وجود زبائن من عدمه ، لأننا في الأصل لا نكترث للأرباح . لا يوجد في الداخل سوى الفراغ الأبدي ، ورائحة العدمْ” وارفقت الصفحة صورة للافتة السوبرماركت، التي تحمل شعار كوكا كولا الشهير “اشرب تفرح” وسرعان ما تعرضت الصفحة للانتقادات من القراء العدميين، الذين وصفوا شعار “افتح تفرح” بغير المتناسب مع مبدأ الصفحة العدمي، ورأوا فيه دعوة للحياة والفرح، لا تتوافق مع الفناء والعدم. مشرفو الصفحة ردوا عليهم بأن الزجاجة التي فيها دعوة افتح تفرح بها سم عنكبوت برازيلي قاتل، يضمن لك الموت السريع ويا لها من فرحة! .

لم نحاول الاتصال بمسئولي صفحة تجمع العدميين السودانيين، لأغراض هذه المقالة، فهم بالطبع لا يهتمون بالصحافة او المقالات، ولا يهتمون بالفيسبوك الذي يدونون عليه، لا يهتمون بتعليقات القراء، ويقول المنشور المثبت على صفحتهم : “تنويه مهم إلي السادة جماهير هذه الصفحة : “تعليقاتكم ليست ذات أهمية علي الإطلاق، نحن لا ننتظر منكم تصفيقًا طويلًا بقدر ما ننتظر منكم أن تلتزموا الصمت وتحفظوا تعليقاتكم هذه في “مكان آمن” بعيدًا عن الصفحة”!.
ويقول مديرو الصفحة انها “لا تُمثل أحد، ولا يعنيها توجهات أحد، ولا يهمها وجود أو عدم وجود أحد أساسًا”
ويقوم مديرو الصفحة باعادة نشر ما يروقهم من الصفحات الاخرى حين تنشر شيئاً عدمياً متشائماً، فنشروا دعوة لموكب باسم موكب الخلاص، في الخرطوم ، تماشياً مع منشور من صفحة باسم “النيزك” تطلب من الجميع التجمع في الخرطوم: “الناس تحاول تتلم تجي الخرطوم عشان اخمكم كلكم واريحكم من التعب العايشين فيهو دا”.
ويقتبس تجمع العدمِيين السُودانيين بعض شعارات تجمع المهنيين الشهيرة، لكن بتصرف، فيقول في احدى منشوراته ” كفانا حزمة، نبقى مهازل!” ولم ينسوا ان يحرفوا تصريح رئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير ، فصار ” مولاي النيزّك خُذني فأنا المعشوق العاشق!”. احد متابعي الصفحة شجعهم بشعار متوائم مع المرحلة: عدميااااو!
ولم يترك تجمع العدميين السودانيين لسميّه تجمع المهنيين ان ينفرد بالدعوة للمواكب والمليونيات، فاعلن على نحو مفاجيء عن موكب “مليونية العبث” : “ندعو كافة العدميين، العدميين العميقين الكئيبين والعدميين السطحيين اللطيفين، إلي تسيير موكب ضخم بإسم مليونية العبث ولا جدوى الحياة. يبدأ الموكب من أي مكان، وينتهي في أي مكان. بدون أي هتافات، بدون أي كواريك، بدون أي فارغة. هدفنا من المليونية : ما عندنا هدف”.
حافظ تجمع العدميين السودانيين على صفحته بفيسبوك، لكن تجمع المهنيين “الآخر” ضربه الخلاف والإنشقاق، وتنازع منتسبوه منشورات صفحته الشهيرة. ولم يفوّت تجمع العدميين الفرصة للسخرية من هذا الخلاف، خصوصاً المنشور الشهير في صفحة تجمع المهنيين، الذي يحذر من مؤتمر تمت الدعوة له بإسم التجمع، فنشرت صفحة تجمع العدميين تقول: “انتشرت دعوة مجهولة المصدر، ما مجهولة في واقع الأمر، لحضور مؤتمر صحفي تحمل اسم تجمع العدميين السودانيين يوم السبت، نؤكد، أو ما نؤكد، أننا في تجمع العدميين السودانيين، لا علاقة لنا، أو لنا علاقة، بهذه الدعوة، وسنتخذ كل ما يلزم لعدم مُلاحقة الجهات أو الأشخاص ، الذين انتهكوا، أو ما إنتهكوا، إسم الصفحة. براحتهم ما بنلاحقهم”!.
الناشطون السياسيون لم يسلموا من صفحة تجمع العدميين السودانيين، وفي مقدمتهم الناشط الشهير عثمان ذو النون، الذي اطلقت عليه الصفحة اسم ” ذو اللاشيء”! واقتبست مقولته الشهيرة “يا نعيش احرار يا نموت رجال” فاصبحت وفق معايير العدميين: “يا نعيش ويضربنّا نيزكْ، يا نمُوت ويبلعنا ثقب أسود”.
ولكن لماذا تأخر النيزك الذي يدعو له تجمع العدميين السودانيين حتى الآن؟ تأتي الإجابة من منشور في الصفحة نفسها: “تعثُر وصول النيزك حتي الآن بعد مفاوضات طويلة مع فجر الخلاص سببه الحزب الشيوعي السوداني!
ولكن، العدميون لا يملون الإنتظار، فيلحقون منشورهم بمنشور آخر: ” النيزك والمدفعية عطبرة، في السكة جايين سوا.. و حمدوك معاهم !